تاريخ القرصنة في العالم
تاريخ القرصنة في العالم
ژانرها
وغيرهم من القراصنة السلافيين يتبوءون مكانهم فوق مياه بحر البلطيق. وهؤلاء أخذوا في الإبحار عبر البلطيق في مختلف الاتجاهات على متن سفن، كان عدد طاقم الواحدة منها يربو على أربعين شخصا، حتى إنهم تمكنوا من الوصول في بعض الأحيان إلى مناطق من بحر الشمال.
لقد خاضت الدول الدنماركية نضالا لا هوادة فيه ضد قراصنة البلطيق، وعلى الرغم من أن ملوك الدنمارك قد تمكنوا بمرور الوقت من فرض تفوقهم؛ فإن موانيهم ظلت - حتى في القرن الثاني عشر - تتعرض لمتاعب من قبل القراصنة.
إن الصراع الذي دارت رحاه بين القراصنة الدنماركيين وبين السلافيين، قد جرى وصفه بشكل رائع في الساجا،
16
التي كتبها الأيسلندي سنوري ستورلوسون تحت اسم الهايمسكرينجلا
17 (الدائرة الأرضية) في القرن الثالث عشر، يحكي فيها على وجه الخصوص عن هجوم السلافيين على مدينة كونونجهال الواقعة جنوبي النرويج. وحسب روايته؛ فالنرويجيون استخفوا بالأخبار التي وردتهم عن حملة يدبرها السلافيون. وعندما ظهر الأسطول المعادي في العاشر من أغسطس عام 1136م على حين غرة عند الشواطئ النرويجية، ساد الذعر المدينة حتى إن أحدا لم يحاول إنقاذ تسع سفن كانت راسية آنذاك في الميناء. كان الأسطول السلافي الذي أغار على كونونجهال ضخما بالفعل؛ فقد كان مكونا - إذا ما صدقنا صاحب القصيدة الذي بالغ بالأحرى في قوة السلافيين - من سبعمائة وثمانين زورقا، على ظهر كل منها أربعة وأربعون مقاتلا وحصانان. كان الأسطول بقيادة الأمير راتيبور والقائد العسكري أونيبور.
لم يكتف السلافيون بالاستيلاء على الأسطول الرابض في الميناء، وإنما فرضوا سيطرتهم أيضا على الشاطئ، ثم ما لبثت هذه السيطرة أن امتدت لتشمل المدينة بأسرها. والحقيقة فإن سكان كونونجهال استطاعوا إبان انسحابهم نحو الجزء الحصين من المدينة، أن ينزلوا بالمغيرين ضربات مؤثرة، بعد أن قتلوا لهم حوالي مائتين وأربعين رجلا. أما المغيرون فقد أعملوا النهب في السفن وفي المدينة، ثم أضرموا النار في كل شيء يمكن أن يشتعل، وجه راتيبور إنذارا إلى المدافعين عن كونونجهال، طالبهم فيه بالاستسلام ومغادرة القلعة سالمين، ولما رفضوا الانصياع للإنذار، بدأ الحصار الطويل المضني.
قام المدافعون بصد الهجمات الضارية، وتزايدت خسائر السلافيين، وأخذ محاربوهم شيئا فشيئا، يقعون فريسة لليأس. وعندما أصبح السلافيون مستعدين لوقف هجومهم والتخلي عن المدينة، استطاع القائد العسكري أونيبور أن يقنع جنوده بأن يهاجموا القلعة مرة أخرى ... أظهر الانقضاض الجديد أن المحاصرين باتوا ضعافا بشكل واضح، وأن ذخيرتهم قاربت على النفاد. لقد أصبحوا الآن يردون على المهاجمين بالأحجار والعصي فقط، وهذه لم تكن تسبب أذى يذكر بعدما كانوا يردون على الهجمات الأولى بوابل من السهام والرماح. واصل السلافيون حصارهم، ولما رأى سكان كونونجهال ما هم فيه من وضع يائس، قرروا أخيرا تسليم القلعة والاعتماد على عفو المنتصرين.
لقد أخطأ من في القلعة الحساب، لقد دمرت قلعتهم تماما ثم أحرقت، بل إن المعتدين قاموا بإحراق بعض المباني مرات أربع، كانوا حريصين على التأكد من أن هذا الصرح قد تم إحراقه لآخر حجر فيه. سيق السكان الذين لم تكن إليهم حاجة؛ ليقتلوا، وجرى تقسيم الباقين بين الجنود، وحملوا إلى الجنوب بوصفهم أرقاء.
لقد أضحى القراصنة السلافيون، الذين قاموا بأعمال السلب والنهب بعرض البلطيق وطوله، مصيبة حقيقية على السفن، فضلا عن الموانئ التي كانت قد أخذت في النمو، بل وعلى كل المدن المطلة على ساحل هذا البحر. لقد دمر الكورنثيون مدينة سيجتونا،
صفحه نامشخص