تاریخ ناپلئون بوناپارت
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
ژانرها
هذه المقاومة الشديدة قمعت ميسرة العدو، وأتاحت لميمنتنا أن تثبت حتى وصول القائد مونيه الذي أخذ بالحراب قرية كاستيل سيريولو.
كان العدو يتقدم على طول الخط مطلقا قنابل مائة مدفع ونيف، وكانت الطرق ملأى بالهاربين والجرحى والجثث. في تلك الساعة خيل لنا أننا سنخسر الموقعة، ولكننا تركنا العدو يتقدم حتى مسافة رصاصة بندقية من قرية سن جوليان، حيث كانت فرقة دوزه مهيأة للقتال بثمانية مدافع خفيفة إلى الأمام وكتيبتين لعضد الجانحين. وكان الهاربون جميعهم يتجمعون وراءنا. إلا أن العدو كان يرتكب هفوات تشير إلى قرب نكبته؛ إذ إنه إنما كان يبسط أجنحته أكثر من اللازم.
في تلك الساعة التفت القنصل إلى الكتائب، وقال لها: «أيها الأبناء، تذكروا أني تعودت النوم في ساحات القتال!» عند هذا هجم دوزه على العدو بين صراخ: «لتحي الجمهورية! ليحي القنصل الأول!» وما هي إلا هنيهة حتى تضعضع العدو، وهجم الجنرال كيلليرمان هجوما شديدا نجم عنه أن أسر ستة آلاف رجل والقائد زاخ وقتل كثير من قواد العدو، وهكذا دب الذعر والحزن في صفوف الأعداء.
أما الخيالة النمسوية فقد كانت هجمت إلى الوسط لتحمي المندحرين، فلاقاها قائد الفرقة يسيير على رأس رماحة الحرس وعالج في الهجوم نشاطا عظيما حتى خرق صف خيالة العدو وتم له بذلك أن شتت الجيش جميعه.
غنمنا خمسة عشر علما، وأربعين مدفعا، ومن ستة إلى ثمانية ألف أسير، وبقي في ساحة القتال أكثر من ستة آلاف عدو.
لقد استحقت المدفعية الخفيفة التاسعة لقب «بلا مثيل»، وفرقتا الخيالة الجسيمة، و«الدراغون» الثامنة نالتا من المجد قسطا عظيما، أما خسارتنا فهي فادحة أيضا؛ لقد قتل منا ستمائة رجل، وجرح ألف وخمسمائة، وأسر تسع مائة.
جرح القواد شالبو، ومارمون، وبوده.
إلا أن خسارة فادحة، أثرت في الجيش تأثيرا عظيما وستؤثر في الجمهورية أيضا، أغلقت قلبنا في وجه الغبطة؛ أصيب دوزه برصاصة لدى أول هجوم فرقته فمات على الأثر، من غير أن يترك له القدر فرصة يقول فيها إلا هذه العبارة التي قالها للوبرون الفتى الذي كان معه: «اذهب وقل للقنصل الأول: إنني أموت آسفا على عدم تمكني من القيام بعمل يذكر لأعيش في صدور الأجيال.»
لقد أصيب القائد دوزه بثلاثة جراح في مدة حياته، وسقط تحته أربعة جياد، لم يلحق بمعسكره إلا منذ ثلاثة أيام، وكان مشتاقا للقتال اشتياقا عظيما، حتى إنه قال مرارا لمعاونيه: «لقد مضى وقت طويل من غير أن أحارب في أوروبا، حتى أصبحت القنابل لا تعرفني.» وعندما بلغ القنصل الأول نبأ مقتل دوزه لم يفه بسوى هذه العبارة: «لم لم يسمح لي بأن أبكي؟» نقلت جثته إلى ميلان لتحنط هناك.»
سلمت معركة مارنغو البييمونت ولمومباردي إلى فرنسا، بقي القنصل الأول بعض أيام في إيطاليا، وجرى له في ميلان استقبال حافل حتى إن القسوس أنفسهم اشتركوا بهذا الاحتفال العمومي، أما نابوليون فلكي يحظى بعضدهم خاطب قسوس تلك العاصمة بهذه الكلمات: «رؤساء دين هو ديني، إني أعتبركم كأعز أصدقائي، وأصرح لكم بأنني أعد مقلقا الراحة العمومية، وأعاقب عقابا شديدا وإذا اقتضى الأمر أعدم كل من يوجه إهانة ولو صغيرة إلى ديننا، أو يجرؤ على هتك حرمة ذواتكم المقدسة.
صفحه نامشخص