تاریخ ناپلئون بوناپارت
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
ژانرها
على أن مسببي 18 برومير، أرادوا، لكي يعيروا أعمالهم ظاهر المشروعية، أن يستخدموا مرة أخرى صيغا شرعية يكادون يتلفونها، وأخذوا يجمعون لذلك، من جميع الجهات، بعض بقايا المجلس الذين كانوا طردوهم بشدة لكي يؤلفوا هيئة للتمثيل الوطني. وقد أتيح للوسيان أن يجمع في سن كلود ثلاثين نائبا أخذوا على أنفسهم مباشرة السلطة السامية التي قدر لبونابرت أن يملكها ملكا صحيحا، وحكموا بالتعاقب، فضلا عن طرد الواحد والستين من رفاقهم، بحل مجلس الشعب وتشكيل جمعية قنصلية مؤلفة من ثلاثة أعضاء هم سياييس وروجرديكو، وبونابرت. تمم هذا الانقلاب الكبير في الساعة التاسعة مساء. أما بونابرت فبقي حتى الساعة الحادية عشرة من غير أن يأخذ طعاما، وعوضا عن أن يهتم بحاجاته الجسدية، لم يفكر وهو داخل إلى منزله في ساعة متأخرة من الليل، في غير إتمام ذلك اليوم المشهود بإعلانه إلى الشعب الفرنسي، فأصدر هذه النشرة التالية: «لدى عودتي إلى باريس، وجدت الانقسام في جميع السلطات، والرأي العام متوطنا على هذه الحقيقة الوحيدة وهي أن قوانين المملكة المتلفة لا تستطيع أن تنقذ الحرية.
ولقد انضمت إلي جميع الأحزاب، وأفضت إلي بمقاصدها، كاشفة لي أسرارها، وطلبت مني يد المساعدة، فرفضت أن أكون رجل حزب.
وطلبني مجلس القدماء فلبيت طلبه، ولقد دبرت خطة ترمي إلى تجديد عام على يد رجال تعودت الأمة أن ترى فيهم محامين عن الحرية والمساواة والتملك. كانت هذه الخطة بحاجة إلى تدقيق هادئ، حر منزه عن كل تأثير وكل خوف. وفي الخلاصة عزم مجلس القدماء على نقل الفرقة التشريعية إلى سن كلود، وعهد إلي بتهيئة القوة اللازمة للحراسة على حريته، فنزلت عند رغبته في سبيل مواطني، والجنود الذين ذهبوا ضحية جهادهم، والمجد الوطني المشترى بدمهم.»
وبعد أن سرد بونابرت ما جرى في سن كلود، وأثبت بشهادته العظيمة الإفك الجسور الذي حاكه لوسيان عن الخناجر، ختم كلامه هكذا: «أيها الفرنسيون، إنكم ستكافئون بدون شك غيرة جندي من جنود الحرية، غيرة مواطن مخلص للجمهورية. إن الأفكار المحافظة، الحارسة، الحرة، قد دخلت إلى مأوى حقوقها بتشتيت المتحزبين العصاة الذين كانوا يتعدون على حقوق المجالس.»
الفصل السادس
إن الرجال الصارمين في مبادئهم، الجمهوريين العتاة المعتقدين أن القضية الشعبية قد سقطت تحت الحسام والنميمة مع صيغ قوانين عام 3 الديموقراطية؛ إن هؤلاء الرجال قد اتخذوا انقلاب برومير كجريمة بحق السلطة العظمى. أما كتلة الشعب، وهي الأكثرية بين جميع الأحزاب، تلك الكتلة التي تضم الفئة العاملة والوسطى والتي تعلق على رقي فرنسا وسكينتها وأمانها الخارجي أهمية أكبر من التي تعلقها على مسألة القوانين الدولية فإنها، مع استثناء عدد قليل من الأفكار الجموحة، قد عملت على تبرير بونابرت من تعديات سن كلود التي اعتبرت اليوم عملا مصلحا مفيدا.
قال نابوليون في سنت هيلين: «لقد تناقشوا تناقشا نظريا وسيتناقشون طويلا بعد في ما إذا كنا لم ننقض القوانين، أو لم نكن مجرمين، إلا أن الوطن لولانا لما نجا من الهلاك، وما أنقذه إلا نحن، ثم إن الرجال الذين مثلوا دورا في ذلك الانقلاب المشهود لأحرى بهم، بدل أن يلجئوا إلى النكران، أن يسعوا إلى تبرير نفوسهم، أن يحذوا حذو ذلك الروماني فيكتفوا بأن يجيبوا الشاكين بهذه العبارة الفخورة: إننا نعترض بأنا أنقذنا بلادنا، فتعالوا معنا نحمد الآلهة.
إنني لقد مثلت دوري في ذلك المسرح السياسي بمساعدة المعتدلين، وإن ختام الفوضى الفجائي، وعودة النظام، والاتحاد، والقوة، والمجد، إنما كانت جميعها نتيجة ذلك النور.»
لم يجئ بونابرت والحساب في يده ليضع فكرته وإرادته موضع القوانين التي نظمها الشعب والقضاة الذين انتخبهم، إلا لأن القوانين والقضاة إنما كانوا عاجزين عن الدفاع عن قضيته ضد أعدائه في داخل فرنسا وخارجها؛ ولأن الحكم المطلق كان يهدد البلاد بدفعها إلى أهواء الأحزاب الفوضوية؛ وأخيرا لأن المهاجرين وتمرد النورمنديين والفنديين والبرتونيين الذين يعضدهم حزب ملوك أوروبا كانوا ينازعون بأمل كبير الجاكوبيين في شيخوختهم تلك الفتوحات السياسية الكبرى، التي قيض للجاكوبيين وحدهم في عهد فتوتهم أن يقدموا عليها فيحققوها ويؤيدوها.
لم يقدم نابوليون في سن كلود على خلع الشعب عن عرشه، بل إنه أبدل تمثيله وجعله فردا بعد أن كان جمعا، ورضي الشعب بذلك هاتفا لظهوره بينهم بذلك الشكل الموافق.
صفحه نامشخص