تخلف فلبي في القصيم، وتقدم عبد العزيز بجيشه إلى حائل. بيد أنه لم يكن القصد يومئذ غير أن يشغل ابن الرشيد فيمنعه عن مناوشات العرب الذين كانوا يحاربون مع الأحلاف في شرقي الأردن. فلما وصل إلى ماء ياطب في أطراف حائل، رأى جموعا كبيرة من العربان وقد حالوا دون أمنيته، ولكنه هاجمهم فأصاب منهم مغنما، وعاد فنزل على ماء آخر قريب من المدينة، فخرج ابن الرشيد في آخر النهار يريد الهجوم عليه ليلا، ثم عدل عن قصده وقفل راجعا بدون قتال.
كان قد بدأ الجنرال آللنبي في الهجوم العام على الترك في فلسطين وشرقي الأردن، وكان الترك يستنجدون ابن الرشيد، فعدل عن محاربة ابن سعود. من المألوف في مثل هذه الحال أن ينهض الجيش المهاجم فيتأثر الجيش المتقهقر ويجتز ساقته، ولكن ابن سعود لم يفعل ذلك، بل عاد في اليوم التالي إلى القصيم وقصده أن يجمع قوة أكبر من تلك التي كانت معه فيقسمها إلى قسمين، قسم لمنازلة عربان شمر وقسم لمهاجمة حائل، ولكنه مثل خصمه عدل أيضا عن قصده. والسبب في الحالين هو ما أحرزه جيوش الأحلاف والعرب في هذا الشهر (ذي القعدة / أيلول) من النصر في فلسطين وسورية، فوصل الخبر كالبرق إلى البلاد العربية.
دخل العرب الشام ظافرين! فر الترك منهزمين! فاز الأحلاف الفوز المبين. سلم الألمان. عقد الصلح! وما بال العرب لا يتعظون ويتصالحون!
اتعظ العرب. فقد توقف في ذاك الحين ابن الرشيد وابن سعود عن القتال وعقدا فوق ذلك - مثل الأحلاف والألمان في فرساي - صلحا صغيرا.
الفصل السابع والعشرون
وقعة تربة ومقدماتها
بعد أن سلمت المدينة
1
كتب الأمير عبد الله ابن الملك حسين إلى أمراء العرب يخبرهم بذلك، وأرسل إلى ابن سعود الكتاب الآتي:
إلى حضرة المحترم المكرم الأمير عبد العزيز بن سعود الفيصل
صفحه نامشخص