تاريخ نجد الحديث

امین ریحانی d. 1359 AH
152

تاريخ نجد الحديث

تاريخ نجد الحديث وملحقاته

ژانرها

عندما طفقت جريدة القبلة تهلل لملك العرب، وتهتف للمنقذ الأكبر، استبشر غلاة القومية، وزعماء النهضة العربية، فرددوا الهتاف ولسان حالهم يقول: هو ذا الزعيم الأكبر، هو ذا المنقذ الأعظم!

على أنه ما كادوا يفرحون حتى جاءتهم الأخبار أن دول الأحلاف اعترفت بالحسين ملكا على الحجاز - الحجاز فقط. فقالوا إذ ذاك: «هي ذي أوروبة عدوة النهضة، بل هي ذي إنكلترة تفرقنا لتسودنا.»

والحقيقة هي أن ابن سعود في مفاوضاته والسر برسي كوكس بخصوص المعاهدة اشترط ألا يتكلم الشريف باسم العرب ويدعي أنه ملك العرب، فقبل الشرط حبا وكرامة، وكان الاعتراف بالحسين ملك الحجاز - الحجاز فقط.

أما وقد برأنا من هذا القبيل ذمة بريطانية العظمى، فيجب علينا، من أجل التاريخ أيضا، أن نسجل عليها فعلتها الكبرى في إبرام ذاك الاتفاق مع الحسين، وقد وهبته فيه البلاد العربية كلها ما عدا عدن والبصرة.

لا نظن القارئ نسي التواريخ التي سألناه أن يذكرها في مطلع هذا الفصل، أو أنه يذكر في الأقل أن الاتفاق الإنكليزي الحجازي أبرم بعد عقد المعاهدتين العربيتين في جيزان ودارين. وقد اعترفت الحكومة البريطانية فيهما بسيادة الأميرين السيد محمد الإدريسي والإمام عبد العزيز آل سعود، كل في بلاده، وبسيادة من يتولى الحكم بعدهما من بيتهما، ثم ضمنت حدود البلادين، وتعهدت بالدفاع عنهما إذا اعتدي عليهما، ثم بعد هذه الضمانات كلها أدخلت البلادين - بلادي نجد وعسير - في دولة عربية يرأسها الملك حسين!

الملك عبد العزيز وإلى يساره المؤلف أمام الطيارة بجدة.

لا حاجة إلى القول إن تلك المفاوضات كانت سرية؛ إذ لولا ذلك لما تمكنت من الخداع، أو لما كانت هي خادعة نفسها. فإما أن وكلاءها السياسيين ومعتمديها كانوا جاهلين بعضهم أعمال بعض، فكانت هي المخدوعة، وإما أنها لم تهتم يومئذ لغير مصلحتها - الوقتية المحلية - فخدعت من أجلها الجميع.

وكان ابن سعود أثناء الحرب من المخدوعين، ولكنه وهو الحكيم الذي لا يطمح إلى غير ما يستطيع تحقيقه في زمن معلوم، عقد تلك المعاهدة التي استمرت مرعية سبع سنوات؛ أي من بداية سنة 1916 إلى بداية سنة 1923.

بعد عقد معاهدة دارين توسط السر بوسي كوكس بين ابن سعود وابن الصباح في مسألة العجمان، فقبل عبد العزيز أن يوقف حركاته الحربية على شريطة أن يطرد صاحب الكويت العجمان من بلاده. وقد عمل الشيخ جابر بنصيحة السر برسي فأجاب طلب ابن سعود.

أما «العرائف» الذين أغراهم الأعداء بنسيبهم الكبير، فقد أدركوا أن أخوالهم العجمان

صفحه نامشخص