إنه لأمر مضحك عجيب. ابن سعود يستدين من نسيبه ووكيله في البصرة ما يسد به حاجاته، ويحيله على الدولة! والدولة تسعى بواسطة الشريف أن تدخل ابن سعود في تبعتها فتتقاضاه بدل أن تدفع له المسانهات.
جاء خالد يحمل شروط الصلح. وخالد وإن كان بدويا هو على شيء من الذكاء والدهاء. اسمعه يخاطب عبد العزيز فيقنعه: «اسمع يا عبد العزيز، أنا أعلمك. لا غاية للشريف سيئة. لا والله، ولكنه يبي (يبغي) يبيض وجهه مع الترك. فاكتب له ورقة تنفعه عند الترك ولا تضرك. وأنا أتكفل برجوع سعد، وأتكفل أن الشريف لا يتدخل في أمور نجد. هذا إذا كنت لا تتجاوز الحدود، أما إذا هو اعتدى عليك فأنا خالد بن لؤي أعاهدك عهد الله عليه، فأكون معك، والله، كما كان آبائي مع آبائك وكما كان أجدادك مع أجدادي.»
قبل عبد العزيز بتوسط خالد وكتب له «قصاصة ورق» تنفع الشريف عند الترك ولا تضر كاتبها؛ فقد تعهد فيها أن تدفع بلاد نجد للدولة ستة آلاف مجيدي كل سنة.
وما كانت غير قصاصة من ورق.
الفصل السادس عشر
العرائف والهزازنة
يذكر القارئ أن أولاد سعود بن فيصل، الذين احتربوا وعمهم الإمام عبد الله، كانوا مقيمين في الخرج فصار لهم في تلك الناحية أشياع وأنصار. ويظهر أن النزعة إلى العصيان ظلت تتقد في صدور أولئك السعوديين الذين أسرهم يومئذ ابن الرشيد وخلصهم من الأسر ابن عمهم عبد العزيز، والآن عندما عادوا من الكويت والأحساء، نزلوا إلى الخرج يريدون الاستيلاء عليه.
ولكن أهل تلك الناحية، وأميرهم إذ ذاك فهد بن المعمر، صدوهم عن ذلك، وطردوهم في اليوم الثاني بعد وصولهم، فرحلوا إلى حيث اتقدت منذ سنتين فتنة الهزازنة - إلى جهات الحوطة والحريق.
أما الهزازنة الذين كانوا أسرى في الرياض فكان عبد العزيز قد أطلق سراحهم، وأذن لهم بالرجوع إلى بلادهم؛ إكراما لأمير قطر قاسم بن ثاني الذي توسل من أجلهم. فعندما جاء «العرائف» بعد أن طردوا من الخرج، رحب الهزازنة بهم وتعاهدوا وإياهم، فتوحدت القوتان والمقاصد.
وكان قد انضم إليهم أناس آخرون في الحوطة، فمشوا معهم إلى الحريق ثم هجموا على القصر هناك، وفيه سرية لابن سعود فحاصروه سبعة أيام واستولوا عليه.
صفحه نامشخص