شد عبد العزيز على الدويش، بعد أن تحقق خيانته، فأغار على بعض قبائله وأخذها، ثم عاد إلى بريدة وأظعن من كان فيها من آل سعود؛ أي أسرى حائل الذين مر ذكرهم، إلى الرياض، ولم يبق معه هناك غير حاشيته، فاطمأن أهل القصيم خصوصا المناوئون منهم، ولكن أمرا جديدا أزعجه، وهو أن ابن الرشيد كان يفاوض الأتراك في الشيحية ويزين لهم الانسحاب منها إلى حائل، وقصده في ذلك أن يأخذ ما كان معهم من عتاد الحرب والذخيرة. كأنه يقول أعطونا سلاحكم إذا كنتم لا تحاربون.
ولا كانت الدولة راضية عن صدقي باشا وخطته - لا حرب ولا سلم ولا مفاوضات - فأمرت كبيرا آخر من كبار جيشها وساستها هو سامي باشا الفاروقي، الذي كان يومئذ في المدينة، بالسفر إلى حائل للمفاوضة مع ابن الرشيد. جاء سامي باشا واجتمع بالأمير متعب في سمير، قرية من قرى حائل، فاتفق وإياه على أن يكون القصيم في حوزة الدولة. ما خسر ابن الرشيد شيئا في هذا الاتفاق؛ لأنه وهب ملكا لم يكن يومئذ له.
ثم جاء سامي باشا إلى القصيم ليفاوض الفريق الثاني وقد ظنه كالأول، فعزل صدقي باشا وتولى بنفسه قيادة الجيش في الشيحية، وأرسل إلى ابن سعود يطلب مقابلته، فوافاه إلى البكيرية، ولكن المذاكرة كانت مناكرة ؛ فقد اصطدمت في الجلسة الأولى الإرادتان، والتهبت النزعتان التركية والعربية، لم يكن الفاروقي لين العريكة، ولا لبس للحالة لبوسها.
قال يخاطب ابن سعود: «ولكن أهل القصيم يريدون أن تكون السيادة في بلادهم للدولة.» فأجابه ابن سعود قائلا: «ليس لأهل القصيم رأي في الأمر، فهم من أتباعي.»
الملك عبد العزيز (الثالث من الشمال) خارجا من سيارته.
سامي : «التابعية تقتضي الحماية وأنت لا تستطيع أن تحميهم، ولا ابن الرشيد.»
عبد العزيز : «وهل حمتهم الدولة؟
إذا كنت لا تدري فتلك مصيبة
وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
ومع ذلك فها زعماء القصيم في مجلسك، اسألهم يجيبوك.»
صفحه نامشخص