ولكنه، وهو الداهية، و«الحواقة» وصاحب السيف ذي الحدين، ضرب ضربات عدة صاردة، بل كبا كبوات مضحكة. فقد كتب مرة إلى سلطان بن حمود الرشيد يقول ما معناه:
إني متكدر جدا من أعمال ابن سعود، وقد جرت الأمور في نجد على غير ما أشتهى، أما الآن فإنا وإياكم عليه، والكويت وحائل شقيقان، ومصلحة البلدين واحدة، ولكن مني ما تشاءون من المساعدة ... إلخ.
وكتب إلى ابن سعود يقول:
أولدي يا ولدي، أنا معك في كل حال وحين. قواك الله وتولاك، لا تترك هذا الكلب، فحل الشول ، ولا تدعه يستريح، ولا تصالحه. وأنا أبوك مستعد لمساعدتك في كل ما تريد.
كذلك كان يحاول أن يضعف الاثنين في إغراء الواحد بالآخر وتحريضه على خصمه. ولكن كاتب الديوان المباركي لم يكن موفقا في تلك الساعة، ساعة كتب إلى «الخصمين» فقد أرسل كتاب ابن سعود إلى ابن الرشيد، وكتاب ابن الرشيد إلى ابن سعود!
1
عندما استأنف الاثنان القتال جاء نجاب من الشيخ مبارك يحمل إلى ابن سعود كلمة وجيزة قاسية كتبت على قصاصة من الورق، وفيها أن سيعلن الحرب عليه إذا كان لا يعيد «منهوبات» ابن الرشيد. والمنهوبات هذه غنمها من بعض قبائل العراق رجل من الظفير اسمه علي الضويحي، وقد كان من أنصار ابن سعود، فليس للشيخ مبارك حجة في تدخله بأمره، ولكنه بعد العثرة التي كان الكاتب سببها حاول على ما يظهر أن يصلح الأمر مع أمير حائل فلم يسعفه القدر؛ لأن الأمير وا أسفاه كان قد قتل في المعركة كما سيجيء في الفصل التالي.
لله أنت أيتها الأقدار! فهل تحاولين أن تغلبي الشيخ مبارك؟ إنه لا يغلب، فقد تجاهل قتل ابن الرشيد، وكان قد بلغه الخبر بعد كتابة ما تقدم، فأرسل نجابا آخر إلى «أولدي عبد العزيز» يحمل كتابا طويلا عريضا جاء فيه:
إني لك دائما يا ولدي يا عبد العزيز، أنا أبوك وعونك، وعضدك، ولم أصالح ابن الرشيد إلا لأقهر الترك، ولكنني مستعد أن أمدك بما تحتاج إليه من المال والرجال المال مالك، يا ولدي يا عبد العزيز، والحلال حلالك.
ولكن ابن سعود اطلع على الحقيقة في حديثه مع النجاب زيد المعرقب الذي كان من رجاجيل الشيخ مبارك.
صفحه نامشخص