تاریخ نحو عربی
تاريخ النحو العربي: منظورا إليه من جهة تطور مفهومه: تأملات استكشافية
ژانرها
13
من الصعب ألا نتفق معه؛ لأن النحو المعياري هو المدى المدرك في تلك المرحلة التاريخية. وكما سنعرف فيما بعد
14
فقد فكر في اللغة العربية، وفي النحو العربي تحت ضغط الظرفين التاريخي والأيديولوجي. وعلى أي حال، قد يخطئ المرء إذا ما أول حماس بعض المعاصرين كتمام حسان للنحو الوصفي على حساب النحو المعياري على أنه رغبة منه في أن يذل النحو التعليمي أمام النحو العلمي. ليس الأمر كذلك إنما هو تقويم أفكار القدماء في ضوء تطور الفكر اللغوي المعاصر؛ ذلك أن دراسة تمام حسان التي استشهدنا منها أعلاه «تعد من أخطر الدراسات الحديثة وأهمها في اللغة العربية، ولا أكون مبالغا لو قلت: إنها أشمل دراسة مستوعبة لكل جوانب اللغة. وهي إلى جانب ذلك أكثر تقديرا واحتراما لجهد القدماء، وتعتمد في كثير من جوانبها على نتائج دراساتهم، وتضعها في سياق لغوي حديث.»
15
فيم تتمثل السمة التي يجب أن يتسم بها النحو العربي؛ لكي يكون نحوا علميا؟ تتمثل من وجهة نظر تمام حسان في أن تكون دراسة النحو دراسة للتركيب؛ فالجانب التحليلي من دراسة النحو لا يلتفت إلى معنى الجملة، لا من الناحية الوظيفية العامة، ولا من ناحية الدلالة الاجتماعية.
16
وبما أنه لا يوجد عمل متقن من دون نفع تماما،
17
فقد كان النحو المعياري وهو بطبيعة الحال عمل متقن وفريد في الثقافة العربية القديمة نافعا في مرحلته التاريخية، وفي المستوى الذي وصلت إليه العلوم العربية آنذاك. لم يفشل في الغاية، وإن لم ينجح نجاحا نهائيا. لكن الأهم أنه يمثل بداية لا تقل أهمية عن بدايات كبرى؛ الأمر الذي جعل البعض يضع الحكايات عن نشأته؛ فالناس يبحثون عن تفسير لكل الأشياء، وحين لا يعرفون يؤلفون الحكايات. ربما تبدأ الحكاية مما هو تاريخي (واقعي) ثم تتوسع إلى ما هو أبعد لتتحول إلى حكاية صافية. لكن هذا التحول لا يحول دون دراستها؛ فالحكاية مهما جنحت إلى الخيال؛ فهناك إمكانية لأن نقتفي أثر نقطة ما هي بذرتها الحميمية، وهذه البذرة التي سنقتفي أثرها هنا هي أسس النحو الثقافية والاجتماعية.
صفحه نامشخص