تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
ژانرها
حاشا وكلا أن يكون إلهنا
ينهى عن الفحشاء ثم يريدها
ولم يمت الصالح إلا بعد أن انتقم من عمة الخليفة بأمر الخليفة نفسه؛ لأنه لم يكن يحبها. ثم استوزر ابنه محيي الدين رزيك، ولقبه بالملك العادل، وكنيته أبو شجاع، وهذا استخلف شاور. (11-1) مشهد الحسين
ومن أعمال الملك الصالح طلائع بن رزيك أنه علم بوجود مشهد الحسين في عسقلان، وكان أمير الجيوش أثناء حروبه في سوريا قد ظفر بمدفن رأس الإمام الحسين في تلك المدينة، فابتنى فوقه مشهدا، فلما علم طلائع بوجود ذلك المشهد في تلك الجهة خاف عليه من الصليبيين، فعزم على نقله إلى مصر فابتنى له جامعا مخصوصا خارج باب زويلة دعاه جامع الصالح نسبة إليه على أن يجعل فيه المشهد.
فلما فرغ من بنائه لم يمكنه الخليفة من ذلك بدعوى أنه لا يليق أن يكون ذلك الأثر الشريف خارج سور المدينة، وأبى إلا أن يجعله في بعض أجزاء قصره المدعو قصر الزمرد فأقام له مشهدا هناك، وفي سنة 740ه احترق المشهد فأعيد بناؤه مرارا، وأخيرا أقيم في جواره جامع حتى إذا كان أيام الأمير عبد الرحمن كخيا أحد أمراء المماليك فأعيد بناء المشهد الحسيني في أواخر القرن الثامن عشر للميلاد، وبعد ذلك أعيد بناؤه برمته في أيام الخديوي إسماعيل، ولم يبق من البناء القديم إلا القبة المغطية لمقام الإمام فأصبح على ما نشاهده الآن، وهو الجامع المعروف بجامع سيدنا الحسين في السكة الجديدة بالقاهرة. (11-2) ضرغام
وكان الملك الصالح طلائع بن زريك قد أنشأ في وزارته أمراء يقال لهم: البرقية، وجعل في مقدمتهم ضرغام أبا الأشبال. فترقى هذا الرجل حتى صار صاحب الباب. فلما تولى شاور الوزارة طمع ضرغام في سلبه إياها فجمع رفقته، وتخوف شاور وجمع إليه رجاله. فأصبح الجيش فرقتين: فرقة مع ضرغام، وأخرى مع شاور.
وبعد تسعة أشهر من وزراة شاور، أي في رمضان سنة 558ه ثار ضرغام، وصاح على شاور فأخرجه من القاهرة، وقتل ولده الأكبر المسمى بطي، وبقي شجاع المنعوت بالكامل، وخرج شاور من القاهرة يريد الشام، واستقر ضرغام في وزارة الخليفة العاضد لدين الله بعد شاور، وتلقب بالملك المنصور. فشكر الناس سيرته؛ لأنه كان فارس عصره، وكان كاتبا جميل الصورة، فكه المحاضرة عاقلا كريما لا يضع كرمه إلا في سمعه ترفعه أو مواراة تنفعه، إلا إنه كان إذنا مستحيلا على صاحبه فإذا ظن في أحد شرا جعل الشك يقينا، وعجل بالعقوبة. فبلغه بعد حين أن رفاقه البرقية يسعون في خلعه، وإعادة الوزارة إلى شاور فعلى عادته من التعجل أرسل إليهم، وكانوا نحوا من سبعين أميرا سوى أتباعهم، وأحضرهم إلى دار الوزارة ليلا وقتلهم بالسيف صبرا فذهبت لذلك رجالة الدولة، واختلت أحوالها، وضعفت أكابرها، وفقد أصحاب الرأي والتدبير منها. (11-3) أسد الدين شيركوه وصلاح الدين
وفي أثناء ذلك قصد الصليبيون بلاد مصر فخرج إليهم همام أخو ضرغام، وحاربهم فغلبوه، ونزلوا على حصن بلبيس، وملكوا بعض السور، ثم عادوا إلى بلادهم، وعاد همام عودا رديئا، فما هو إلا أن قدم رسل الصليبيين على ضرغام في طلب مال الهدنة المقررة في كل سنة، وهو 33 ألف دينار.
ثم جاء الخبر بقدوم شاور، ومعه أسد الدين شيركوه بن شادي، وهو كردي الأصل من قبيلة الروادية من أشهر قبائل الأكراد من مدينة دوبن من أعمال أذربايجان.
وكان شيركوه هذا، وأخوه نجم الدين أيوب في خدمة الأتابك نور الدين صاحب دمشق منذ مدة طويلة، وأظهرا من اللياقة ما مكن ثقته فيهما. فلما سار شاور إلى دمشق استنجد أتابك نور الدين؛ ليرجع الوزارة إلى يده. فنور الدين لم يغفل عن هذه الفرصة التي تجعل له يدا بأمور مصر فأرسل معه أسد الدين شيركوه في كثير من المماليك (الغز) وسار معهما يوسف بن أخيه نجم الدين بن أيوب، وكان صغير السن، ولم يكن أبوه راضيا بسفره في هذه الأخطار لصغر سنه، ولعل التقادير ساقته إلى مصر؛ ليكون سلطانا عليها، فإن هذا الغلام صار بعد ذلك البطل الذي يلهج التاريخ بذكره؛ السلطان صلاح الدين الأيوبي. أما مولده فقلعة تكريت سنة 532ه، وسار الأتابك نور الدين بنفسه مشيعا جيوشه إلى حدود مصر، وقصده من ذلك إيهام الصليبيين الذين في طريقه أنه آت لمحاربتهم، فانحصروا في مدنهم، ومر جيشه بأمان ولا معارض حتى أتى مصر. (11-4) قتل ضرغام وعود شاور إلى الوزارة
صفحه نامشخص