تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
ژانرها
هرم ولا كعب ولا القعقاع
وسبقت هذا الناس في طلب العلا
فالناس بعدك كلهم أتباع
يا بدر أقسم لو بك اعتصم الورى
ولجوا إليك جميعهم ما ضاعوا
وكان على يد بدر بازي فألقاه، وانفرد عن الجيش، وجعل يسترد الأبيات وهو ينشدها إلى أن استقر في مكانه. ثم قال لجماعة غلمانه وخاصته: «من أحبني فليخلع على هذا الشاعر.» فخرج من عنده ومعه سبعون بغلا تحمل الخلع والتحف، وأمر له بعشرة آلاف درهم فخرج من عنده، وفرق كثيرا من ذلك على الشعراء، ولما مات بدر قام بما كان إليه ابنه الأفضل.» (5-12) صقلية
وبعد وفاة أمير الجيوش ببضعة أيام توفي الخليفة المستنصر في 18 من الشهر نفسه، وسنه 67 سنة وخمسة أشهر، قضى منها ستين سنة في منصب الخلافة، ولم يكن أهلا لإدارة الأحكام؛ لضعفه، وقصر حجته، وتصديقه لما يقال له مهما كانت حقيقته. فكان لقب الخلافة له اسما لغير مسمى، ومع طول مدة خلافته لم يحدث فيها غير تلك الضيقات العظيمة، ولم تكن مصر وحدها في ذلك العذاب، فإن صقلية كانت من أغنى بلاد الفاطميين تربة، وكانت قبلا في حكم الأغالبة، ونظرا لبعدها عن كرسي الخلافة لم تكن فيها فائدة، وكان الولاة الذين يرسلون إليها يحاولون الاستقلال.
ففي أيام الخليفة المعز لدين الله كان على هذه الجزيرة وال يقال له أحمد رأى الخليفة منه ميلا عن الطاعة فنفاه إلى إفريقية، وأقام مقامه غيره، وغيره، وساروا كلهم على خطة واحدة. فتعددت القلاقل، وانقسم أهل الجزيرة على أنفسهم فلم يعد في إمكانهم دفع من يغزوهم من الإفرنج، وزد على ذلك أن جيرانهم الإفرنج سكان الجزيرة - نظرا لما كانوا يعاملون به من الاستبداد - كانوا يودون الخروج من سلطة المسلمين فجعلوا يكاتبون أبناء ملتهم من الدول الأخرى، وكل هذا جرى في أيام المستنصر، وانتهى بخروج تلك الجزيرة من سلطة المسلمين.
وذلك أن مسلمي هذه الجزيرة كانوا حزبين متضادين يرأس أحدهما ابن تمامة، فتحاربا فانهزم ابن تمامة، والتجأ إلى مدينة كاتان، وكانت في حوزة الفرنساويين من سنة 372ه فاستبشر الفرنسايون بقدومه فأكرموا وفادته، وأمدوه بالعدة والرجال. أما الحزب الآخر فكان قد استمد المعز بن باديس فأمده بفرقة من إفريقية فجرت بين الحزبين واقعة احتدمت نارها على الخصوص بين الأحزاب المساعدة، وهم رجال المعز بن باديس من الجهة الواحدة، والجيوش الفرنساوية تحت قيادة روجر الأول من الجهة الأخرى، وانتهت بانتصار ابن تمامة ورجال روجر، وانهزام من كان في الجزيرة من المسلمين فدخلها روجر وقد نفذ سهمه. فأخذ يسعى في تمكين قدمه فبايعه أهلها سنة 453ه.
وهكذا خرجت هذه الجزيرة من سلطة الفاطميين، وما زالت صقلية في حوزة روجر حتى مات فخلفه ابنه، ولقب روجر الثاني سنة 495ه فتتبع خطوات أبيه في إصلاح شأن الجزيرة، فتقدمت في أيامه تقدما عظيما لم تبلغه في سائر أزمانها فنسيت الأزمان التي مضت عليها، وهي غارقة في التقلبات والتحزبات، وسفك الدماء. أما المسلمون الذين اختاروا المكوث في الجزيرة فظلوا متمتعين بجميع حقوقهم المدنية والسياسية والدينية.
صفحه نامشخص