وعند هيرودوت أن المصريين كانوا أكثر الناس تدينا، وكانت للديانة عندهم كالهنود والشرقيين، دخل في أعمالهم العامة والخاصة، فلا نهاية لعدد الكائنات والأشياء المقدسة. وصبغة الآلهة المصرية محلية، فكان «أوزريس» في أبيدويس و«فتاح» في ممفيس، و«آمون» في طيبة، و«هوروس» في إدفو، و«هاتور» في دندرة. وكان للآلهة مراتب بعضها فوق بعض، كما أن بعض الآلهة قد يتفانى في البعض الآخر فتكون إلها واحدا. وكان أكبرهما «مصر» الحياة الآجلة أسوة بالهند، التي كانت الحياة الأرضية عندها ممرا وفترة حقيرة في أمد غير محدود ليس غير. أما رمز الشر الحقيقي المتجسم الكامل في مصر، فكان «أباب»؛ أي الثعبان الذي تدوسه الآلهة.
هذا وحوالي عام 2000ق.م حين عظم شأن طيبة وأصبحت عاصمة الديار، اشتد أزر «آمون» إلهها المحلي وأصبحت له سطوة وخطر، فوقف المصريون إزاء ذلك أمام معضلة كبيرة، وتساءلوا: لمن من الآلهة تكون السيادة السياسية؟ «ألرع» وهو الإله العتيد ذو المجد التالد والتاريخ الحافل أم «لآمون» وهو - على حداثة شهرته - رب طيبة عاصمة الملك وإله الفراعنة الحاكمين؟ ولكنهم لم يكلفوا عقولهم عناء كبيرا، وبإضافة صغيرة بين الاسمين حلت المشكلة فصار الإله الأعظم هو «آمون-رع» يجمع بين مزايا هذا وذاك، مع ما هناك بينهما من تناقض.
وكذلك حين تباينت لديهم العقائد من الموت ومصير الأموات - فكان لكل عقيدة مصدر يغاير المصادر الأخرى وتاريخ يختلف عن تواريخ غيرها، وكفوا أنفسهم مئونة التفكير العميق في اختلاف هذه المصادر والتواريخ، وفي أيها أحق بالتصديق واكتفوا بأن قبلوا هذه العقائد جميعها، وآمنوا بها غير عابئين بما بينها من تنافر واضح.
ولكن أقدم هذه العقائد المختلفة - كما أوضحنا - هي العقيدة في حياة جسدية بحت تلبس الجسم وهو في قبره. وإليها وحدها يرجع الفضل في وجود هذه الكنوز العظيمة ومن بينها كنز «توت-عنخ آمون».
أما أسطورة «أوزريس» فخلاصتها هي أن أوزريس «وهو أحد الآلهة التسعة العظام مؤسسي العالم» كان ملكا عادلا لرعيته، ولكن أخاه «ست» كان يبغضه فتحين الفرص وقتله ثم ألقاه في اليم. غير أن «إيزيس» زوجة «أوزريس» المخلصة استطاعت بتعاويذها أن تعيد الحياة إلى جثة زوجها وساعدها أحد الآلهة فحنطه. ومن ثم صار «أوزريس» إله الأموات وقاضيهم، وأصبح في نظر الشعب المصري المثل الأعلى لكل من يموت، حتى إنهم عدوا كل ميت «أوزريسا»، وأصبحت المومياوات توضع في توابيت منحوته على هية أوزريس. أما الغرب المقدس «أمنتت» فهو مأوى أوزريس، وكان المصريون يدفنون موتاهم دائما في جهة الغرب؛ لأنهم لاحظوا أن الشمس تحتجب في المغرب، ومن هنا صار الغرب لديهم مقدسا. (2-6) ديانة اليهود إلى الكتاب المقدس
كان العبريون «اليهود» ينطقون بالآرامية القريبة من العربية إلى أن عبروا الصحراء والأردن ونزلوا فلسطين، فتكلموا الكلدانية المختلطة فسميت العبرية وذلك حوالي 1400ق.م، وكانت ديانتهم مشوشة إلى أن ظهرت التوراة.
أما الكتاب المقدس فيشمل العهد القديم «التوراة» والعهد الجديد «الإنجيل». والتوراة، في معناها الضيق، تطلق على الأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم الذي ينسب إلى النبي «موسى»، وهي: سفر التكوين، والخروج، واللاويين، والعدد، والتثنية. أما «التلمود» فهو مجموع التعاليم الأدبية والدينية في سنة 400 في جزأين: تلمود أوروشليم، وتلمود بابل. غير أن اليهود القرائيين ينكرون «التلمود»، وقد جمع فيما بين القرنين الميلاديين الرابع والسادس، وينقسم قسمين: «مشنا» وهي أحكام شرعية مقاسة على «التوراة»؛ و«جمارا». (2-7) ديانة الإيرانيين
كان الفرس «الإيرانيون» القدماء يعبدون الأوثان إلى أن ظهر في تاريخ يتأرجح بين القرن العاشر والخامس ق.م بينهم «زورادشت»، وعندهم أنه قد عرج إلى السماء وتلقى عن أهورامزدا «الله» الكتاب المقدس «الأفستا». وعند بعض مفسريه أنه يقول بأن رب الكون واحد لا شريك له، وإن يكن في الكون خير وشر يتنافسان. (2-8) ديانة اليونانيين
أوردت الأساطير اليونانية القديمة أسماء آلهة أقيمت لها التماثيل وسكنت جبل أولمبوس، ومن هذه الآلهة «أبولو» إله الشمس، و«فينوس» إله الجمال، و«چوبتر» إله المشتري، و«وزيوس» الخالد إله النهار والضوء وسيد النظام ورب الأرباب وزوجه «هيرا»، و«بلوتو» إله جهنم، «وميركاري» إله عطارد، و«هفيستوس» إله الحدادين، و«أفروديت» إلهة الجمال، و«آثينا» إلهة الحكمة، و«بوزيدون» إله البحر، و«تيميس» إلهة الشريعة، و«أبنوميا» إلهة الحكم الصالح، وإلهات «اليارك»: الأعمار الثلاثة، و«هادويس» سيد العالم الآخر، و«ديانا» إلهة الصيد.
وآلهة اليونان تماثل الإنسان فهي تتزوج وتغضب وتفرح، وهي ذات علاقة وثيقة بالإنسان والطبيعة، ويتوزع بينها العمل والاختصاص! (2-9) الدين والفلسفة
صفحه نامشخص