تاریخ ماسونیه
تاريخ الماسونية العام: منذ نشأتها إلى هذا اليوم
ژانرها
لا يخفى أن الجيل العاشر كان أشد وطأة من سائر الأجيال على العالم، ولا سيما على المسيحيين، فإن الناس في أوروبا كانوا في كل يوم ينتظرون انحلال عقدة هذا الكون وانقضاء العالم، ولذلك كانت هممهم تنحط وصنائعهم تبيد يوما فيوما، ولا سيما صناعة البناء؛ فتقهقرت البناية الحرة، ولم يأت عليها آخر القرن العاشر حتى كادت تنحل عروتها، إلا أن المحافل التي كانت تلتئم في جهات لومبارديا وبافي وكوم، كان بين أعضائها بعض الذين اشتهروا بالصناعة والعلم كالفلك وغيره، كما كان شأن الكهنة المصريين، فلما أصاب الماسونية ما تقدم من الخمول لتوقف صناعة البناء، لم يؤثر ذلك فيهم؛ لأنهم استمروا على نشر المبادئ الماسونية وتعليم الصناعة والعلوم عموما على نسق الجمعيات السرية القديمة.
فمن سنة 1003 ابتدأ العالم في دور جديد من التمدن، وبالحقيقة أن التمدن الحديث يبتدئ من هذه السنة، إذ نهض العالم عموما إلى طلب العلم والصناعة، بعد أن رفع من أذهانهم أمر اقتراب الساعة، فأخذوا في ترميم الكنائس وابتنائها من سنة 1005 فما بعد. (1) الماسونية في لومبارديا
وفي سنة 1010 دخل جماعة من الكهنة المسيحيين في مدارس البنائين في إيطاليا لتعلم صناعة البناء المسيحية، وكانت لومبارديا إذ ذاك مركز التمدن، فأنشئت المدارس الماسونية على بقايا مدارس نوما بومبيليوس، ومنح الماسونيون امتيازاتهم وحقوقهم، ودعوا جمعياتهم من ذلك الحين المدارس الحرة أو جمعيات الأحرار، وأشهر تلك الجمعيات جمعية «كوم». واشتهرت هذه الجمعيات بالبناية، حتى إن أشرف ألقاب البنائين كان ما ينسب إليها، وكانت تعاليمهم جميعها سرية وقوانينهم وشرائعهم خصوصية لهم، وكان يأتي البناءون من سائر أنحاء إسبانيا واليونان والمشرق إلى هذه الجمعيات لاكتساب تعاليم جديدة في العلم والصناعة.
ولم تأت سنة 1040 حتى امتلأت إيطاليا من المباني العظيمة من بناء البنائين الأحرار، وكثر عدد هؤلاء، حتى إنه لم يعد هناك من الأشغال ما يشغلهم، فاجتمعوا اجتماعا عموميا قرروا فيه أن يؤلفوا منهم جمعية تجول في الأماكن المنتشرة فيها الديانة المسيحية، لكي يقيموا لها المعابد والكنائس والأديرة، فطلبوا إلى البابا أن يقر لهم على الامتيازات والحمايات الممنوحة لهم قديما، فاستجاب طلبهم وأمر أن تحصر صناعة البناء المقدسة فيهم، وحررهم من جميع الشرائع المدنية والأوامر الملوكية والقوانين البلدية، ومن كل ما هو موضوع على أهالي المدن التي يقيمون فيها، وصادق على هذه الامتيازات جميع ملوك ذلك العصر.
وفي سنة 1060 انتشرت جمعيات البنائين من لومبارديا إلى ألمانيا وفرنسا ونورمانديا وبريطانيا، وجعلوا يرممون ويقيمون المعابد والأديرة والكنائس في سائر تلك البلاد.
ريكاردس قلب الأسد وصلاح الدين الأيوبي
وفي سنة 1155 انتخب الإخوة البناءون ريكاردس قلب الأسد ليكون أستاذا أعظم للمحافل الماسونية في إنكلترا، وكان أستاذا أعظم لجماعات الهيكليين، فقبل الدعوة، وما زال رئيسا للجمعيتين حتى توفي.
ويستلمح من الحادثة المشهورة التي حصلت بين هذا البطل والسلطان صلاح الدين الأيوبي أثناء الحروب الصليبية في سوريا؛ أن هذا الأخير كان على شيء من الماسونية، لأن المعاملة التي عاملها السلطان صلاح الدين لريكاردس حال كونه من أعداء وطنه ودينه، لا يمكن أن تحدث إلا عن ارتباط داخلي أشد متانة من رابطة الوطنية، ألا وهي رابطة الأخوية الماسونية، والله أعلم.
وظهر نحو تلك السنة في أوروبا جمعية من جمعيات البنائين أصلها من سوريا، ولكنها فاقت بدقة صنعها وشهرتها كثيرا من الجمعيات الماسونية في تلك الأعصر.
ولم يأت ختام القرن الثاني عشر حتى أتت الأخوية الماسونية على إتمام عدة بنايات مشهورة في إنكلترا وفرنسا والبلجيك وألمانيا وإيطاليا، لا أرى فائدة في ذكرها.
صفحه نامشخص