تاریخ ماسونیه
تاريخ الماسونية العام: منذ نشأتها إلى هذا اليوم
ژانرها
وقد تقدم فيما مر أن من عادة الإخوة البنائين إذا تألفوا على بناء بلدة أو سور أو ما شاكل، يجعلون منازلهم من الخشب بجوار ذلك البناء، يقيمون فيها للطعام والرقاد وللاجتماعات السرية لتبليغ الإعلامات ومحاسبة العملة وغير ذلك، وكانوا لا يسمحون لأحد من الخوارج أن يطرقهم أو يطلع على أعمالهم، ولا يزالون كذلك حتى يتم البناء، فينصرفون عنه بعد أن ينال كل منهم حقوقه.
فمن مراجعة كيفية بناء مدينة بغداد يستنتج شيء يدل على ما نحن بصدده، وإن يكن بعبارة غير صريحة، من ذلك ما قاله ابن الأثير أيضا ونصه: «وكانت الأسواق في المدينة (بغداد)، فجاء رسول لملك الروم، فأمر الربيع فطاف به في المدينة، فقال: كيف رأيتها؟ قال: رأيت بناء حسنا، إلا أني رأيت أعداءك معك، وهم السوقة. فلما عاد الرسول عنه أمر بإخراجهم إلى ناحية الكوخ، وقيل إنما أخرجهم لأن العرباء يطرقونها ويبيتون فيها، وربما كان فيهم الجاسوس ...» إلى أن قال: «وكان الأستاذ من البنائين يعمل يومه بقيراط فضة والروزكاري بحبتين.»
فما معنى قوله «الروزكاري»؟ قد قلبت كثيرا من القواميس العربية فلم أعثر على هذه الكلمة، ولم أفهم معناها إلا ما يؤخذ من القرينة، فهي إذن كلمة أعجمية، وقد وجدت في المعجمات الفارسية كلمة «روزكار»، ومعناها «الروزكاري» الدنيا أو الزمان أو العالم أو البخت. فإذا كانت نسبة إلى هذه يكون معناها «العالمي» أو «الزماني»، وهو لقب يقصد به «عامة الناس غير الكهنة»، ولا يزال هذا استعماله إلى هذا العهد. فاستعمال هذه الكلمة في معرض التكلم عن البنائين يستفاد منها عامة الناس الذين هم غير الإخوة البنائين. والماسون إلى هذا اليوم يدعون من هو ليس من جمعيتهم بالخارجي أو الأجنبي، وهو يشبه التعبير المتقدم ذكره.
4
فيستنتج من كل ما تقدم أن البنائين الذين بنوا مدينة بغداد كانوا من الإخوة البنائين الأحرار، الذين كانوا منتشرين إذ ذاك في أقاصي المشرق على ما تقدم.
وفي سنة 775 انتقلت صناعة البناء إلى إسبانيا «الأندلس»، وهي إذ ذاك في حكم المسلمين، وكيفية ذلك أن عبد الرحمن الأول لما افتتح قرطبة وجعلها مقاما له أرسل إلى الأمصار الشرقية، ولا سيما بغداد، يطلب منها البنائين لبناء هذه المدينة، فأقام فيها البنايات الشاهقة بين جوامع ومساجد وحصون وما شاكل على شكل البناء القسطنطيني، وأنشأ فيها مدارس للبنائين مع المحافظة على ما لهم من الحقوق والامتيازات. واشتهرت بعد ذلك قرطبة بالعلم والصناعة على العموم، ولا سيما صناعة البناء، وكان الطالبون يقدمون إليها من سائر أنحاء العالم لاكتساب العلوم والصنائع. (5) الماسونية في فرنسا
وفي أيام شارلمان ملك فرنسا الشهير سنة 780 انتشرت الماسونية في فرنسا انتشارا حسنا؛ لأنه كان منشطا للعلم والصناعة والفضيلة، كما هو مشهور عنه، وكان البناءون الأحرار يدعون في أيامه «ناحتي الحجارة». ورمموا كثيرا من الهياكل والتماثيل التي هدمت بسبب هجمات قبائل الدانوا. (6) الماسونية في بريطانيا
وفي سنة 875 في أيام ألفريد الأكبر أشهر ملوك السكسونيين أزهرت الصناعة، ولا سيما البناية، فإنها بلغت شأوا عظيما، فتآلف البناءون على إقامة البنايات التي تقادم عهدها والتي دمرتها يد العدو.
وفي سنة 900 أوصى إدوار ملك السكسونيين بعد ألفريد أن يكون الملك بعده لأخيه اثلوارد وصهره اثرد، وكانا عارفين بصناعة البناء، وهما من الإخوة البنائين الأحرار، بل من رؤسائهم.
فلم تأت سنة 925 حتى إنه لم يعد هناك مدينة واحدة من المدن التي تستحق الذكر في إنكلترا لم تقم فيها مدرسة بنائية حرة. إلا أن الحظ لم يتم لما كان يحصل من الانقسامات المتواصلة؛ مما أوجب الخصام وإشهار السلاح وإقامة الحروب الأهلية.
صفحه نامشخص