56

تاریخ مکه

تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف

پژوهشگر

علاء إبراهيم، أيمن نصر

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الثانية

سال انتشار

١٤٢٤هـ - ٢٠٠٤م

محل انتشار

بيروت / لبنان

قَالَ ﷺ: " فَإنَّك لم تَهدمهَا فَارْجِع فَاهْدِمْهَا " فَخرج خَالِد وَهُوَ متغيظ فَلَمَّا انْتهى إِلَيْهَا جرد سَيْفه فَخرجت إِلَيْهِ امْرَأَة عُرْيَانَة نَاشِرَة شعرهَا فَجعل السادن يَصِيح بهَا فَأقبل خَالِد بِالسَّيْفِ إِلَيْهَا فضربها فجزلها بِاثْنَتَيْنِ ثمَّ رَجَعَ إِلَى رَسُول الله ﷺ فَأخْبرهُ، قَالَ: " تِلْكَ الْعُزَّى قد أَيِست أَن تعبد ببلادكم ". فَقَالَ خَالِد: يَا رَسُول الله، الْحَمد لله الَّذِي أكرمنا بك وأنقذنا بك من الهلكة، لقد كنت أرى أبي يَأْتِي إِلَى الْعُزَّى بِخَير مَاله من الْإِبِل وَالْغنم فيذبحها للعزى وَيُقِيم عِنْدهَا ثَلَاثًا ثمَّ ينْصَرف إِلَيْنَا مَسْرُورا، وَنظرت إِلَى مَا مَاتَ أبي وَإِلَى ذَلِك الرَّأْي الَّذِي يعاش فِي فَضله، وَكَيف خدع حَتَّى صَار يذبح لما لَا يسمع وَلَا يبصر وَلَا يضر وَلَا ينفع، فَقَالَ رَسُول الله ﷺ: " إِن هَذَا الْأَمر إِلَى الله فَمن يسره للهدى تيَسّر لَهُ وَمن يسره للضلالة كَانَ فِيهَا ". وَكَانَ هدمها لخمس لَيَال بَقينَ من شهر رَمَضَان سنة ثَمَان، وَكَانَ سادنها أَفْلح بن النَّضر السّلمِيّ من بني سليم، فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة دخل عَلَيْهِ أَبُو لَهب يعودهُ وَهُوَ حَزِين، فَقَالَ: مَا لي أَرَاك حَزينًا " قَالَ: أَخَاف أَن تضيع الْعُزَّى من بعدِي. فَقَالَ لَهُ أَبُو لَهب: لَا تحزن فَأَنا أقوم عَلَيْهَا بعْدك. فَجعل أَبُو لَهب يَقُول لكل من لقِيه: إِن تظهر الْعُزَّى كنت قد اتَّخذت عِنْدهَا يدا، وَإِن يظْهر مُحَمَّد ﷺ على الْعُزَّى وَمَا أرَاهُ يظْهر فَابْن أخي. فَأنْزل الله ﷿ " تبت يدا أبي لَهب وَتب ". وَأما ذَات أنواط: فَكَانَت شَجَرَة عَظِيمَة خضراء بحنين، يُقَال لَهَا: " ذَات أنواط " لكفار قُرَيْش وَمن سواهُم من الْعَرَب، كَانُوا يعظمونها ويذبحون بهَا ويعكفون عِنْدهَا يَوْمًا، وَكَانَ من حج مِنْهُم وضع زَاده عِنْدهَا وَيدخل بِغَيْر زَاد تَعْظِيمًا للحرم، فَلَمَّا ذهب رَسُول الله ﷺ إِلَى حنين قَالَ لَهُ رَهْط من أَصْحَابه فيهم الْحَارِث بن مَالك: يَا رَسُول الله اجْعَل لنا ذَات أنواط كَمَا لَهُم ذَات أنواط فَكبر رَسُول الله ﷺ وَقَالَ: " هَكَذَا قَالَ قوم مُوسَى ": " اجْعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلِهَة قَالَ إِنَّكُم قوم تجهلون ".

1 / 75