تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا

سارا رجائی یوسف d. 1450 AH
173

تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا

تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا

ژانرها

34004

53160 «تظهر هذه النتائج الرفض المؤسف للعائلات بشكل عام للانفصال عن مرضاهم ووضعهم في مصحة للأمراض العقلية؛ ربما بسبب تأخرهم في القيام بواجباتهم، أو بسبب ميل أعمى، أو أحيانا بسبب الإهمال؛ مما يتسبب في حدوث آثار جسيمة على قابلية المريض للشفاء.»

1

ماذا عن نتيجة التحليل الكمي للألفاظ المستخدمة في طلبات الاحتجاز في مصحة بون سوفور؟ هناك 46٪ من دوافع الاحتجاز تسمى «عنفا، هياجا، استثارة، نوبات مختلفة، أزمة، محاولة انتحار.» وبالتأكيد هناك الكثير، إلا أن هذه الإحصائية لم تكن تمتلك الكثير من البيانات. بيد أن فئة المرضى الخطرين المصابين بالهياج لا بد من أن تخضع لتقسيم أكثر نسبية، فإن المرضى ذوي السلوك العنيف الكامن، عادة ما يجري ضمهم إلى مرضى العنف الصريح. فكلمة «مجنون هائج» قد تعني قاتلا (عشرون حالة بالكاد من أصل ثمانية عشر ألف حالة) أو مريضا حطم لوحين زجاجيين مهددا زوجته وأولاده بالموت. في الواقع، تعد حالات الاعتداءات على أشخاص نادرة. وفي ظل النظام القديم، كان طلب الاحتجاز يبرر بسبب درجة الخطورة والمأساة الوشيكة الحدوث التي سيمنعها الاحتجاز.

وفي المقابل، توجد الفئة الكبيرة الأخرى، فئة المكتئبين ومرضى السوداوية وعقدة الاضطهاد. إلا أنه لا يمكن استبعاد خطورتهم بالكامل. ففي عام 1896، كانت هناك مريضة تدعى جوزفين تبلغ من العمر أربعة وعشرين عاما. كانت تشعر بأنها محاطة بالأعداء، «بأشخاص يلقون عليها تعاويذ شريرة. وأثناء الليل يحرقونها ويقرصونها ويشدونها من قدميها لإخراجها من فراشها.» وانتهت بتحديد بعض جيرانها لكونهم هم سبب آلامها ومصدر تهديدها. وأقر طبيب البلدة قائلا: «احتجازها الآن أصبح إجراء أمنيا. فمن بين كافة أنواع مرضى الاعتلال العقلي، يعد المصابون بعقدة الاضطهاد هم الأخطر، وحينما يصلون إلى التعرف على أشخاص معينين كسبب لاضطهادهم - كما هي الحالة - يصبح احتجازهم ضروريا.» وتمثل حالات الإصابة بالاكتئاب والهلاوس وهلاوس العظمة والثراء والهذيان الديني والغيرة وعقدة الذنب والخوف المرضي من التسمم وعقدة الاضطهاد؛ حوالي 35٪ من أسباب الاحتجاز. «طوال الليل، تظل تصرخ خوفا من مغتالها أو من سارقها؛ مسببة إزعاجا لجيرانها. كانت ترى قططا وكهنة وراهبات يتجولون حول سريرها ويحملقون فيها بنظرات مرعبة.»

ثم يليه - بصورة أقل أهمية - «العاجزون» (المصابون بالعته والمتأخرون عقليا والبله) ومرضى الصرع الذين تفاقمت حالتهم والمبذرون والمتسللون؛ أي جميع الذين لم يعودوا قادرين على التصرف أو من ليس لديهم أحد يعتني بهم: «أصيب أخوه الذي كان يتولى رعايته بالشلل» (1924). كان فقر غالبية هؤلاء سببا حاسما أيضا: «لا تستطيع أسرته - التي لا تمتلك نقودا - أن ترعاه.» «تظهر على هذه المرأة أعراض واضحة للجنون العقلي ربما نتيجة لإصابتها بالشلل العام. ونظرا لفقر المرأة التي لا تمتلك بالطبع القدرة على رعاية نفسها بطريقة فعالة؛ فمن الضروري إذن إدخالها المصحة» (1906).

لا تزيد نسبة الاحتجاز الإجباري في مصحة بون سوفور (57٪) عن الاحتجاز الإرادي إلا قليلا (43٪)، خاصة أنها - نظرا لكونها مصحة خاصة - تستقبل نسبة كبيرة من المحتجزين من الفئة الثانية (وتشير الإحصائية الوطنية إلى أن متوسط نسبتهم يصل إلى 30٪). ويتوزعون على مساحة تشمل البلاد كلها، وذلك دائما لرغبة العائلات في وضع مريضها بعيدا لأسباب تتعلق برغبتهم في كتمان الأمر. وتمثل حالات الاحتجاز الإرادي حوالي 10٪ من الطلبات المقدمة من الجيش أو من الجمعيات الدينية. كان هذا هو تخصص بون سوفور الذي يدعي أنه يقدم لنزلائه القدر الكافي من السرية والمركز الاجتماعي. أما طلبات الاحتجاز الحكومية، فتضم نسبة لا بأس بها (من 15 حتى 20٪) من الحالات تأتي من المصحات والملاجئ والمحاكم والسجون. وتزيد نسبتهم لدى الرجال عن النساء؛ مما يدل على ارتفاع نسبة الخطورة لديهم.

يتراوح عمر المريض في خمسين بالمائة من الحالات عند احتجازه ما بين ثلاثين وخمسين عاما. وهو ليس صغيرا ولا كبيرا على المستوى الوطني. أما بالنسبة إلى جنس المريض، ففي بون سوفور - كما في باقي المصحات - تكون النسبة الأكبر للنساء. وقد تسبب عددهم سنويا (52 في مقابل 48 في المتوسط) في نشر اعتقاد بأن النساء يقعن فريسة أسهل للجنون عن الرجال. إلا أن نسبة الرجال الذين يجري احتجازهم تزيد عن النساء (من 105 إلى 115٪). ويرجع ذلك - كما سنشرح لاحقا - إلى أن الرجال يموتون في المصحات أو يخرجون منها بطريقة أسرع. أما عن الحالة الاجتماعية، فإن الأفضلية تكون للعزاب أو الأرامل؛ أي الذين يعيشون بمفردهم.

وتعد نسبة الانتكاسات غاية في الأهمية، وهي تدور حول 15٪، أو أكثر قليلا (وهي النسبة نفسها على المستوى القومي). بشكل عام، فإن الانتكاسة لا تحدث مرة واحدة، بل عدة مرات. في عام 1901، احتجز هذا المريض عقليا ذو الستة والثلاثين عاما للمرة الرابعة عشرة لإصابته ب «هوس متقطع». أما هذه المزارعة ذات الواحد والستين عاما، فقد دخلت المصحة للمرة السادسة عشرة عام 1920، لإصابتها ب «حالة سوداء بسيطة يصاحبها اكتئاب». هؤلاء هم من يطلق عليهم - على مستوى البلاد - «المعتادون على المصحات»:

2

صفحه نامشخص