تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
ژانرها
وفي دورات المياه، لا بد من وجود مراقبة خاصة: «على الأقل يجب أن تكون هناك حارسة (نتحدث عن مستشفى ماريفيل) لتراقب المراحيض بصفة خاصة، ولا سيما عند خروج المرضى من المهجع؛ لأنه في تلك اللحظة قد تحدث أحداث جانبية في بعض الأحيان أثناء التكدس؛ مناقشات أو شجارات بين المرضى ويكون لها عواقب وخيمة. يجب ألا يغفل أحد في أي وقت من اليوم عن دورات المياه؛ لأن هناك أيضا محاولات الانتحار تحدث، أو قد يستسلم أحد المرضى لبعض الممارسات الغريبة، مثل أكل فضلاته على سبيل المثال ... إلخ.»
6 •••
تسبق الصلاة الصباحية الإفطار، وتتلى عادة داخل قاعة الطعام؛ حيث يرددها بصوت عال أحد المرضى أو الحراس، وتتكرر قبل كل وجبة وأيضا قبل النوم. وكما أن الصلاة اليومية تعتبر مفيدة، هكذا أيضا بالنسبة إلى صلاة القداس والتناول. وفي هذا الشأن يجب التفريق بين فترتين مختلفتين؛ فحكومة يوليو الملكية والإمبراطورية الثانية اتسمتا تماما بالطابع الكاثوليكي، وفي هذه الفترة أقر كبير الأطباء فالريه الصلاة كركيزة من أهم ركائز الشفاء النفسي. أليست هي في ذاتها إجابة لكل شيء؟ ولكن، حينما أصبحت الجمهورية الثالثة علمانية وسادت موجة الهجوم على الكنيسة - وعلى الرغم من أن المصحات العقلية الخاصة (ذات الطابع الديني على الأغلب) ظلت تعتبر الدين محور الحياة اليومية - حاولت المشافي العامة السير دون جدوى في اتجاه العلمنة. «لم يعد الكثير من الأطباء الكبار يريدون وجود كنيسة وكهنة داخل مصحة الأمراض العقلية [...] ولا يسعنا إلا التفكير في أن وجود كنيسة وخدام قد يكون له أثر ضار في تفاقم حالات الهوس بالفكرة الواحدة التي تتخذ طابعا دينيا وتطورها إلى صور وأشكال غريبة، خاصة في البلاد التي لا تزال تخضع لسلطة دينية كاثوليكية.»
7
على أي حال، فإن القرار يرجع لكبير الأطباء في حضور المراسم الدينية من عدمه، مع العلم بأنه داخل الكنيسة يكون هناك فصل صارم للجنسين، بل ويفصل المرضى أنفسهم عن باقي المشاركين في الصلاة. وفي خطاباتهم - التي تخضع للرقابة - يشتكي العديد من الكهنة أو الراهبات المحتجزين لإصابتهم بأي نوع من الهذيان الديني من عدم قدرتهم على حضور صلاة القداس والتناول على الأقل. فعندما يأتي كاهن المنطقة لزيارة المرضى والعاملين، كان يمتنع عن التعامل مع المرضى الذين حذره منهم كبير الأطباء لكونهم مصابين بهذيان ديني.
كان الإفطار الذي يوزع في كل منطقة يتكون من خبز وقهوة باللبن، وأحيانا تبعا للأوقات أو المناطق كان يوزع حساء أو جبن. وهنا أيضا يجب أن تكون هناك مراقبة يقظة؛ حيث يجب منع أي مشاجرات وإجبار المرضى الرافضين للأكل على الإفطار، وعلى العكس منع المرضى الشرهين من الإفراط في الطعام والاستيلاء على نصيب الآخرين. كما يجب إطعام العاجزين، وإحضار الطعام إلى الملازمين الفراش، ثم عد أدوات المائدة عدة مرات لكيلا تستخدم لأغراض سيئة.
بحلول الساعة السابعة في الصيف ، أو السابعة والنصف في الشتاء، يكون موعد العمل. في الأساس، من وجهة النظر العلاجية النفسية، فإن هدف العمل هو «الإلهاء عن الجنون» (بمعنى إبعاده أو انتزاعه أو على الأقل الابتعاد عنه). ويجعل كابانيس من العمل «المنظم الحقيقي للطبيعة النفسية»، ويرى أن لا داعي للتخوف من ترهيب من يرفض العمل في سبيل إجباره عليه.
8
ودون النزوع لهذا النهج الثوري، يشاطر سيبيون بينيل باقي أطباء الأمراض العقلية الرأي: «إن العمل الدائم يغير من تلك الحلقة المفرغة للأفكار، ويصلح مهارات التفاهم عن طريق النشاط، ومن ثم يستطيع بمفرده الحفاظ على النظام بين مجموعة من المرضى عقليا ...»
9
صفحه نامشخص