تاریخ اسلامی: مقدمهای بسیار کوتاه
التاريخ الإسلامي: مقدمة قصيرة جدا
ژانرها
في الوقت الحاضر، يوجد الإسلام في كل مكان، لكنه حتى بداية العصر الحديث كان موجودا في «مكان ما»، وعلى وجه التحديد في الأراضي الواقعة ما بين المحيط الأطلسي في الغرب وآسيا الوسطى في الشرق. يشار إلى هذه المنطقة أحيانا باسم «المنطقة القاحلة الكبرى»؛ إذ اتحد بمرور الوقت الهواء (السيبيري) البارد القادم من شمال المنطقة وشرقها مع الهواء (الصحراوي) الساخن القادم من الجنوب والغرب ليكونا منطقة داخلية شديدة الحفاف. وتشكل الصحراء جزءا كبيرا من شبه الجزيرة العربية وسوريا وإيران وغيرها، أما «المنطقة القاحلة الكبرى» ففي الأغلب قاحلة أو شبه قاحلة.
ثمة حلان رئيسان للمشكلات التي يسببها المناخ الجاف، هما: إيجاد موارد مائية بخلاف الأمطار، أو إيجاد سبل حياة لا تعتمد كثيرا على المياه. وقد طبق كلا الخيارين في التاريخ الإسلامي. فكانت مياه الأمطار غير الكافية في المنطقة تكملها نظم للري تشمل النظم الطبيعية مثل الفيضان السنوي لنهر النيل، علاوة على القنوات والأحواض والأقنية الأرضية التي شقها الإنسان، والتي وجهت مسار نهري دجلة والفرات وأنهار إيران (بالإضافة إلى مياه الأمطار في المنطقة) إلى الأماكن الخصبة منذ العصور القديمة. وهذه النظم تفرض مجموعة من المشكلات المرتبطة بها والمتمثلة في صعوبة الحفاظ عليها وسهولة إعاقتها.
شكل : خريطة العالم الإسلامي.
أما الحل الثاني لقحول المنطقة - الذي أفاد المناطق التي تفتقر إلى وجود الأنهار مثل شبه الجزيرة العربية - فهو الجمل الذي كان محل اعتماد وله تأثير كبير على المجتمع العربي في القرن السادس، وعلى انتشار الإسلام في القرن السابع، وشكل المدن والقرى الإسلامية فيما بين القرنين الثامن والحادي عشر. إن ما يميز الجمال هو قدرتها المذهلة على التكيف مع الموارد الشحيحة على مدار فترات طويلة؛ لذا فهي تتميز بالكفاءة من الناحية الاقتصادية، فضلا عن أن إعالتها لا تتطلب الكثير. أما ما يعيبها فهو أن أقدامها الحساسة لا يمكنها التكيف مع الأرض الباردة أو غير المستوية. ربما أوى محمد إلى الجبل، لكن خلفاءه لم يفعلوا ذلك - في البداية على الأقل - وعلى مدار التاريخ الإسلامي أثبتت سلاسل الجبال - بطريق الصدفة أم قصدا - أنها ملاذ آمن لأولئك الذين يسعون لمقاومة الضغوط التي تمارس عليهم كي يتحولوا عن دينهم أو يبدوا التزاما بالأعراف أو تعاونا أكبر بوجه عام. وبسبب ما تتصف به الجبال من وعورة نسبية، فإنها ساعدت السكان المحليين وكذلك الوافدين الجدد الباحثين عن ملجأ يحتفظون فيه بتقاليدهم الدينية (المسيحيون في شمال إسبانيا، والأناضول، وأرمينيا، ولبنان، ومرتفعات إثيوبيا؛ والزرادشتيون وغيرهم من مؤيدي مذهب الثنائية في شمال إيران) وموروثاتهم الثقافية (الفارسيون في إيران؛ والبربر في شمال أفريقيا؛ والأكراد في شمال العراق)، مثلما كانت مأوى للهاربين من السلطات المركزية بوجه عام (الإسماعيليون في سوريا وشمال إيران؛ والزيدية في اليمن؛ وطالبان في أفغانستان). ولسبب وجيه أشارت السلطات السياسية المغربية إلى مناطقها الجبلية باسم أراضي العصيان. أدركت القوات السوفييتية ومن بعدها القوات الأمريكية في أفغانستان هذه الحقائق بالتجربة العملية، في حين عرفها المسلمون المحليون منذ البداية.
على الرغم من ذلك لم تكن الجبال عائقا أمام جميع الجمال؛ فالجمال ذات السنامين أكثر قدرة على التحمل من الجمال العربية أحادية السنام. عندما شقت أعداد كبيرة من البدو الترك طريقها - بداية من القرن الحادي عشر - من آسيا الوسطى متجهة غربا إلى الشرق الأدنى، لم تقف الجبال في شمال إيران والأناضول (وأيضا المناخ البارد نسبيا في هذه المناطق) حجر عثرة في طريقها، ولهذا السبب يطلق اسم «تركيا» الآن على ما كان يعرف آنذاك باسم «الأناضول». على الرغم من ذلك بزغ الإسلام بين العرب في القرن السابع، وبدأ انتشاره أول الأمر بواسطة العرب وبعيرهم. لذا فإن فتوحات العرب - حاملين لواء دين جديد - لمعظم المناطق القاحلة وشبه القاحلة في العالم القديم ليست أمرا غريبا، ومثلها حقيقة أن الظروف المناخية وضعت حدا أمام تقدمهم؛ إذ ربما كانت الظروف الجوية الرطبة في أوروبا عائقا فعالا أمام تقدم الإسلام بقدر ما كانت الجيوش المحلية للبلاد.
لكن لماذا لم يمكث العرب في شبه الجزيرة العربية؟ الحقيقة أنهم فعلوا ذلك على مدار فترة طويلة للغاية، والشعر الجاهلي يصف مجتمعا كان يعرف عن حضارات جيرانه الراسخة، وإن كان لا يطمح إلى اللحاق بركبها؛ إذ كان العرب يشيدون بالرجولة والشدة، بينما يرون أن الملابس الحريرية والخواتم تناسب الضعاف الجبناء. لم يكن لأحد في عام 600 أن يتوقع أنه في غضون قرن من الزمان سيحكم العرب الغلاظ آكلي السحالي (على حد وصف المسلمين غير العرب لهم بعد قرون لاحقة) إمبراطورية هائلة من القصور في دمشق وبعدها بغداد. وعلى الرغم من أن تعداد المسلمين في العالم اليوم يفوق مليار مسلم، لم يكن هناك مسلم واحد عام 600؛ وما حدث في غضون هذه الفترة هو موضوع الفصل التالي.
هوامش
الفصل الأول
قصة التاريخ الإسلامي
600-800 ميلادية
صفحه نامشخص