تاریخ اسلامی: مقدمهای بسیار کوتاه
التاريخ الإسلامي: مقدمة قصيرة جدا
ژانرها
على المدى الطويل، اصطبغت الثقافة الإسلامية نفسها بصبغة فارسية، رغم وجود بدائل أخرى ممكنة. بدأت هذه العملية بظهور السلالات الحاكمة الفارسية شبه المستقلة في الشرق العباسي، حيث اتخذ الحكام ألقابا ساسانية، وتتبعوا سلاسل النسب الساسانية لأسرهم الحاكمة، والأهم من ذلك أنهم وفروا الرعاية للأدب باللغة الفارسية. ربما يكون العمل الأدبي الأكثر شهرة والمكتوب باللغة الفارسية «شاهنامه» («كتاب الملوك») قد كتب أثناء حكم السامانيين وأهدي إلى أحد الحكام الغزنويين. يسرد الكتاب بأسلوب ملحمي كل ما اعتقد أنه ذو أهمية حقيقية في التاريخ الإيراني، بدءا من خلق العالم وانتهاء على نحو مفاجئ وشديد الأثر بهزيمة المسلمين للقوات الساسانية في معركة القادسية (عام 637).
علاوة على كل العوامل الأخرى، أدى انتشار الأتراك، والمغول، والمغول الأتراك في الأراضي الإسلامية وداخلها إلى ازدهار الأدب الفارسي حتى - أو خصوصا - خارج إيران. لعبت الدعوات التبشيرية الناطقة بالفارسية دورا محوريا في انتشار الإسلام إلى الشرق، وليس من قبيل الصدفة أن المصطلحات الدينية المستخدمة من جانب المسلمين الصينيين تفضل كلمات فارسية مثل «نماز» (بمعنى الصلاة) على مرادفاتها العربية. وقبل دخول القبائل التركية التي ينحدر منها العثمانيون والسلاجقة إلى العالم الإسلامي في أواخر القرن العاشر، كانت هذه القبائل قد تحولت إلى الإسلام على أيدي الفرس؛ وهكذا غربل الدين الذي وصلهم بفعل مصفاة فارسية. وعندما أقام السلاجقة سلالة حاكمة في إيران/العراق، كانت نماذجها الإدارية والأدبية فارسية، وعندما انتقل أقاربهم غربا لفتح الأناضول وتأسيس الإمبراطورية العثمانية، اتخذت الفارسية هنا أيضا لغة للثقافة.
أيضا ساهمت فتوحات المغول والتيموريين - رغم طبيعتها التدميرية - في نجاح اللغة الفارسية. من ناحية، لما لم يكن للمغول في إيران (الذين استعانوا بإداريين إيرانيين محليين) علاقة باللغة العربية كلغة دينية، فإنهم شملوا برعايتهم المنح التعليمية الفارسية حتى في تلك المجالات التي كانت قاصرة حتى ذلك الوقت على اللغة العربية. ومن الناحية الأخرى، أجبرت الفوضى التي تسببت فيها الفتوحات الباحثين الإيرانيين البارزين على السعي وراء الأمان (والرعاية) في مكان آخر؛ الهند الإسلامية في الأغلب. وفي ظل حكم سلاطين دلهي وسلاطين المغول على وجه الخصوص، كان الأدب الإسلامي الهندي، والفنون (الرسم على وجه الخصوص)، وشئون الإدارة الإمبراطورية فارسية لغة وشكلا، وكذلك شهدت الأراضي المغولية إنتاج بعض أرقى نماذج الثقافة الفارسية. لذا كانت الفارسية اللغة البارزة للثقافة الرفيعة في جميع أنحاء العالم الإسلامي بدءا من القرن الحادي عشر وحتى القرن التاسع عشر (بل وحتى وقت متأخر عن ذلك في بعض المناطق). وحتى عندما أفل نجم الفارسية أخيرا على يد اللغة الإنجليزية ثم الأردية والهندية في الهند، وعلى يد اللغة التركية والعربية في الأقاليم فيما بعد الحكم العثماني، كان أثرها لا يزال ملموسا على عدة مستويات؛ فالأدب الأردي لا يزال يقتفي أثر النماذج الفارسية، وأهل الغرب العصريون يقرءون الكتابات الصوفية للرومي (توفي عام 1273) الذي قيل عنه إنه «لم يكن نبيا لكنه أوتي الكتاب». كذلك وجد الأدب الفارسي معجبين في أعمال جوته (الديوان الغربي الشرقي) وبوتشيني (توراندوت) من بين عدة مؤلفين غرب آخرين.
من الواضح أن هناك الكثير من الأمور التي يفخر بها الفرس؛ بوصفهم قادة إمبراطوريين في عصور ما قبل الإسلام ورواد ثقافة وإدارة في العصور الإسلامية. كفل الوصول المتأخر للهيمنة الغربية غير المباشرة إلى إيران عام 1907 (حينما قسمت البلاد إلى مناطق نفوذ على يد بريطانيا وروسيا) عدم ضعف الوطنية الإيرانية قط. وعلاوة على ذلك، ساهمت مقاومة الفرس لانتشار اللغة العربية - بالإضافة إلى الهوية الشيعية لإيران - في نشر مشاعر التفرد القومي طيلة قرون.
الجانب الآخر لكل هذا أنه حينما عجزت مكانة إيران في العالم عن تلبية الطموحات والتطلعات القومية، كان يجري بين الحين والآخر البحث عن المسوغات في مواضع غريبة (وخطيرة). فمنذ بداية القرن العشرين حينما كان التدخل الأجنبي في البلاد في ذروته، شاعت على نحو واسع - حتى بين النخب الدينية والسياسية في البلاد - نظريات المؤامرة التي تربط المحن التي مرت بها إيران بمخططات سرية وضعها الروس، والبريطانيون، والأمريكيون، والصليبيون/المسيحيون، والصهاينة/اليهود، والماسونيون، والبهائيون، بل والشيطان.
شكل 2-1: جدارية على السفارة الأمريكية السابقة في طهران بإيران تشير إلى وجود مؤامرة أمريكية-إسرائيلية-شيطانية للسيطرة على العالم.
1
بعض هذه النظريات أقل غرابة من البعض الآخر؛ فجهاز المخابرات الأمريكية أدار انقلاب عام 1953 الذي أطاح بالحكومة الإيرانية، لكن من المنافي للعقل القول إن آية الله الخميني كان عميلا بريطانيا أو أمريكيا، أو أن اليهود والماسونيين تآمروا منذ البداية لنشر الهلينية (!) على حساب إيران. ومما لا شك فيه أنه كان لإيران والفرس تأثير تشكيلي على حدود الحضارة الإسلامية ومضمونها، غير أنهم - في نواح عدة - ما كانوا ليستطيعوا تحقيق هذا دون مساعدة الأتراك.
الأتراك
تزخر علاقة الأتراك بالتاريخ الإسلامي بالمفاجآت التي يكاد جميعها يكون سارا. المفاجأة الأولى هي أنهم لم يسعوا قط للدخول في تلك العلاقة. فقد أقام الأتراك - في تاريخ ما قبل العصور الإسلامية - سلسلة من الإمبراطوريات (في الفترة ما بين 552-840 تقريبا، وفي القرن العاشر في المناطق الغربية من السهل الأوراسي)، واعتنقوا عددا من الأديان في تلك الأثناء، من بينها المانوية والبوذية والمسيحية النسطورية واليهودية، بالإضافة إلى الإبقاء على الأشكال التقليدية من الشامانية. علاوة على ذلك وعلى عكس العرب والفرس، لم يكن الأتراك سكانا أصليين للشرق الأدنى ؛ إذ كانت منغوليا موطنهم الأصلي . ولما كان الأترك بدوا من السهل الأوراسي، فقد عاشوا بالقرب من حضارات مستقرة يذرعون الطرق من الشرق إلى الغرب، وأحيانا يقيمون دولا خاصة بهم. ثمة علاقات وثيقة جمعت بين إمبراطورية الأتراك الأويغور (744-840) - على سبيل المثال - والصينيين، فكانوا يستبدلون بالخيول الحرير (بأسعار مميزة للأتراك) ويقيمون علاقات مصاهرة بين الحين والحين مع الأسر الحاكمة الصينية. وكشعوب الهون في القرون الأولى والمغول في القرون اللاحقة، كانت الحضارة الصينية الهدف الجوهري للأتراك. وإن ترك الخيار للأتراك في هذه المسألة، لانضموا على الأرجح إلى العالم المتوطن في الصين بدلا من الشرق الأدنى. لذا، كان دخولهم العالم الإسلامي أول مرة ضد إرادتهم حينما دخلوه عبيدا عسكريين في العشرينيات من القرن التاسع.
صفحه نامشخص