تاريخ اربل
تاريخ اربل
ویرایشگر
سامي بن سيد خماس الصقار
ناشر
وزارة الثقافة والإعلام،دار الرشيد للنشر
محل انتشار
العراق
الْحَسَنَةِ مِنَ الْيَوَاقِيتِ وَاللَّآلِئِ وَالزَّبَرْجَدِ الْأَخْضَرِ وَالْأَحْمَرِ، دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْأَمَاكِنِ، فَخَرَجَتُ إِلَى الْمَعْبَرِ فَأَخَذْنَا الْهَوَاءَ وَدَخَلْنَا إِلَى الْإِبَاحَة وَسِرْنَا. وَكَانَ في السفينة ستمائة تاجر (ذ) بِأَتْبَاعِهِمْ وَمَمَالِيكِهِمْ وَخَدَمِهِمْ وَسَرَارِيِهِمْ، وَهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ. وَمَعَ مَا فِيهَا مِنَ الرُّبَّانِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّا يَنِيفُ عَلَى الْأَلْفِ وَأَرْبَعِمِائَةِ نَفْسٍ. وَكَانَ لِلسَّفِينَةِ ثلاثة عشر قلعا، فأخذنا (ر) الرِّيحُ إِلَى نَاحِيَةِ سُمَنَاتٍ (٧)، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ ليلة- وهي ثالث عشر رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ- فِي نِصْفِ اللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ قَارِّينَ طَيِّبِينَ فِي أَطْيَبِ هَوَاءٍ، وَالنَّاسُ مُسْتَرِيحِينَ غَائِصِينَ فِي النوم، والسفينة سائرة وأنا جالس على شاطىء السَّفِينَةِ، إِذْ لَحِقَهَا رَأْسُ جَبَلٍ فِي الْبَحْرِ فَكَسَرَهَا، وَمَا عِنْدَ خُدَّامِ السَّفِينَةِ خَبَرٌ. فَدَخَلَ الْمَاءَ فِي السَّفِينَةِ حَتَّى كَانَ يُسْمَعُ خَرِيرُهُ، وكان فيها سبعون (ز) رَأْسًا مِنَ الْخَيْلِ وَزَرَافَيْنِ وَفِيلٌ، وَإِذَا بِرَجُلٍ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ- رَأَيْتُهُ يَمْشِي- حَتَّى أَتَى السَّفِينَةَ. فَلَمَّا جَاءَهَا مَدَّ يَدَهُ إِلَى تَحْتِ السفينة وأمالها بعد ما رَفَعَهَا، حَتَّى نَصَلَ مِنْهَا ذَلِكَ/ الْمَاءُ عَنْ آخِرِهِ، وَلَمْ يَشْعُرْ بِذَلِكَ أَحَدٌ، وَتِلْكَ السَّفِينَةُ عَلَى كَفِّهِ. وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى نَصَلَ الْمَاءُ الَّذِي كَانَ بِهَا جَمِيعُهُ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «يَا مُدْرِكَ الْفَوْتِ بَعْدَ الْفَوْتِ، وَيَا مَنْ يَسْمَعُ فِي الظُّلَمِ الصَّوِتَ، يَا مَنْ يُحْيِي العظام وهي رميم (س) بَعْدَ الْمَوْتِ» . ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ إِلَى السَّفِينَةِ وَأَخَذَ صُنْدُوقًا مِنْ بَعْضِ الْأَمْتِعَةِ مَمْلُوءَةً تُوتِيَاءَ (ص)، وَوَضَعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْخِرْقِ وَمَسَحَ عَلَيْهِ بِكَفِّهِ، وَقَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» .
فَعَلِمْتُ أَنَّهُ الخضر- ﵇ ويطول الْكَلَامِ مِمَّا لَا يَلِيقُ بِنَا. وَلَوْلَا أَنِّي مَأْذُونٌ لِي فِي هَذَهِ الْإِشَارَاتِ لَمَا ابْتَدَأْتُ بِهَا وَلَا أَتَيْتُ بِشَيْءٍ مِنْهَا. وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ- ﷺ أَطْلَعَهُ عَلَى أَشْيَاءَ لَوْ تَكَلَّمَ بِهَا لَتَفَطَّرَتِ الْمَرَائِرُ، وَزَالَتْ فِيهِ الْعُقُولُ عَنِ الْخَلْقِ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا، وَلَوْ كَانَ مَأْذُونًا لَقَالَ. وَمَا كَانَ يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى» إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يوحى» (ش) . وَذَكَرَ مِنْ نَحْوِ هَذَا أَشْيَاءَ يَطُولُ بِهَا الكتاب.
1 / 176