131

تاريخ اربل

تاريخ اربل

ویرایشگر

سامي بن سيد خماس الصقار

ناشر

وزارة الثقافة والإعلام،دار الرشيد للنشر

محل انتشار

العراق

٥٦- الْإِمَامُ الصَّالِحُ أَبُو حَامِدٍ التِّبْرِيزِيُّ [... - بَعْدَ سَنَةِ ٥٨٨ هـ]
هُوَ أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بْنُ رَمَضَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ مَهْمَتٍ التِّبْرِيزِيُّ (١)، وَيُعْرَفُ بِالْمَهْمَتِيِّ، وَيُكْنَى أَيْضًا أَبَا بَكْرٍ، الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ الصَّالِحُ الْوَرِعُ، إِمَامُ أَئِمَّةِ الزُّهْدِ. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، أَثْنَى عليه العجم فغالوا (أ) فيه. ونقلت (ب) من خط أبي طاهر (ت) مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ/ الْبُخَارِيِّ جَدِّ، الْأُرْمَوِيِّ هُوَ وَأَبُوه- كَذَا بِخَطِّهِ- قَالَ: «هُوَ الْإِمَامُ الْعَالِمُ، إِمَامُ الْأَئِمَّةِ، بِحْرُ الْحِكْمَةِ، مُبَيِّنُ الشَّرِيعَةِ وَمُظْهِرُ الطَّرِيقَةِ وَالْحَقِيقَةِ، الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ، حُجَّةُ الله على عباده في وقته» (ش) . ورد إربل وانعكف الناس عليه لِصَلَاحِهِ، وَسُمِعَ عَلَيْهِ. وَوَرَدَ مَرَّةً أُخْرَى، وَوَصَلَ إِلَى الْمَوْصِلِ فَنَزَلَ بِالتُّرْبَةِ الْمُجَاهِدِيَّةِ (٢) ظَاهِرَ الْبَلَدِ، فَزَارَهُ الْأَكَابِرُ وَالْعُلَمَاءُ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنْ مَسْمُوعَاتِهِ شَيْءٌ، فَخَرَّجَ الشَّيْخُ الْإِمَامِ الْعَالِمُ أَبُو (ث) السَّعَادَاتِ الْمُبَارَكُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْكَرِيمِ- ﵀ مِنْ كِتَابِ «الرِّسَالَةِ الْقُشَيْرِيَّةِ» (٣) عِدَّةَ أَحَادِيثَ وَسَمِعَهَا عَلَيْهِ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ- ﵀ وَرِضْوَانُهُ عَلَيْهِ- وَأَتَيْتُهُ بِالْمَوْصِلِ فأَجَازَ لِي وَكَتَبَ خَطَّهُ، وَكَانَ مَعِي قَلَمٌ فِي آخِرِهِ عُقْدَةٌ، فَقَالَ:
احْذِفْهَا مِنَ الْقَلَمِ- أَوْ كَمَا قَالَ- فَقَدْ جَاءَ أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ فِي الْقَلَمِ تُورِثُ الْفَقْرَ.
وَكَانَ شَيْخًا طَوِيلًا كَبِيرًا قَدْ نَهَكَتْهُ العبادة، وبلغ منه الاجتهاد. فَنَزَلَ إِلَى عَيْنِ الْقَيَّارَةِ (٤) الَّتِي تَحْتَ الْمَوْصِلِ، وَهِيَ عَيْنٌ عَلَى دِجْلَةَ يَخْرُجُ مِنْهَا مَاءٌ حَارٌّ أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ الْحَرَارَةِ، وَإِلَى جَانِبِهَا أَعْيُنٌ أُخْرَى مُخْتَلِطٌ بَعْضُهَا بِبِعْضٍ، يَخْرُجُ مِنْ وَاحِدَةٍ مَاءٌ بَارِدٌ، وَمِنَ الَّتِي تُلَاصِقُهَا مَاءٌ حَارٌّ، وَتَقْذِفُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قِيرًا يُهْدَى إِلَى الْمَوَاضِعِ، يُعْلَكُ فِي الْفَمِ، يَزْعُمُ النَّاسُ أَنْ تِلْكَ الْعَيْنِ الشَّدِيدَةِ الْحَرَارَةِ تُرَطِّبُ الْجِسْمَ، فَرَأَيْتُهُ عُرْيَانًا فِيهَا، وَهُوَ- ﵀ جِلْدَةٌ يَابِسَةٌ عَلَى عِظَامٍ نَحِيفَةٍ. وَكَانَ لَطِيفَ الْأَخْلَاقِ، غَيْرَ نَافِرٍ مِنْ أَحَدٍ عَلَى مَا به من الضعف والكبرة» (ج) .

1 / 136