تاریخ جنگ بالکان اول: بین دولت عالیه و اتحاد بالکانی که شامل بلغارستان، صربستان، یونان و مونتهنگرو بود
تاريخ حرب البلقان الأولى: بين الدولة العلية والاتحاد البلقاني المؤلف من البلغار والصرب واليونان والجبل الأسود
ژانرها
الجيش الثاني:
زحف هذا الجيش قسمين فلم يجد أمامه مقاومة جديرة بالذكر، ولما هجم أحد قسميه على بلدة كريفا استولى الرعب على الأهالي ولا سيما المسلمين، فهربوا وتركوا أولادهم على طريق كومانوفو. وما كان اليوم الثاني والعشرون من أكتوبر حتى أصبح هذا الجيش على ثلاثين كيلومترا أو أقل من مدينة كومانوفو التي ستحدث فيها الوقعة الفاصلة.
الجيش الأول:
قلنا إن هذا الجيش لم يتحرك إلا في 20 أكتوبر أي بعد إعلان الحرب بيومين، وقد التقى بمقدمة القوة العثمانية فصدها إلى طبانوفجه، وما كان اليوم الثاني والعشرون من أكتوبر حتى بدأ الصدام على مسافة كيلومترات قليلة شمالي مدينة كومانوفو، على أن المعركة الكبرى الفاصلة لم تبتدئ إلا في الثالث والعشرين، وهاك تفصيلها: لما كانت الساعة الثانية والنصف بعد ظهر اليوم المذكور أصدر زكي باشا أمره بالهجوم على الفيلق الصربي الأول الذي كان على بضعة كيلومترات شمالي المدينة، وكان الجو قاتما غائما والمطر يهطل مدرارا، فقاوم الصربيون العثمانيين حتى المساء، ولكنهم لم ينالوا مأربا ولم يشوموا للنجاح برقا، ولما أزفت الساعة الواحدة بعد منتصف ليل 24 أكتوبر حملوا حملة شديدة تحت جنح الظلام، فاستولوا على المواقع التي يصلح منها الهجوم العام ونصبوا مدافعهم على المرتفعات، ثم أتاهم جانب من الجيش الصربي الثاني فوقف بمدافعه عند الميسرة الصربية، ثم أخذ الصربيون يواصلون الهجمات على مواقع العثمانيين في الجهات الشمالية والشمالية الشرقية من مدينة كومانوفو، وكانوا في كل هجمة يخسرون عددا كثيرا من جنودهم حتى زعزعوا حزم الفيلق العثماني السابع، ولا سيما بعد أن وصلت القوة التي أرسلها الفيلق الصربي الثاني، فأراد زكي باشا أن يتقهقر، وأمر الفيلق السادس بالتقدم ليتمكن من تخليص الفيلق السابع، ولكن نيران المدافع الصربية اشتدت إلى حد أوقع الرعب في قلب الفيلق السابع، فكانت خسارة العثمانيين هائلة في ذاك اليوم الأسود؛ لأنهم فقدوا القوة المعنوية ومعظم القوة المادية. ونحو الساعة العاشرة قبل الظهر تقدم الجيش الصربي الأول إلى مدينة كومانوفو واحتل المرتفعات ووادي ليبقوه، ثم أخذ يستولي على مواقع العثمانيين واحدا بعد واحد.
وفي ذاك الوقت نفسه قاتلت قوة بلغارية جنود قره سعيد باشا فصدتها.
ولقد كانت معركة كومانوفو شؤما على الجيش العثماني الغربي، بقدر ما كانت معركة لوله بورغاز شؤما على الجيش الشرقي، وبلغت الخسارة العثمانية فيها عشرة آلاف رجل بين قتلى وجرحى و86 مدفعا و300 مركبة للسكة الحديدية. وبلغت خسارة الصربيين 3000 رجل بينهم كثيرون من الضباط. وقيل: إن جميع ضباط الآلاي السابع قتلوا وجرحوا ما عدا اثنين.
1 •••
بعد تلك الوقعة الفاصلة أخذ الجيش العثماني الغربي يتقهقر إلى جهات مناستر، فسار قسم منه على طريق غستوا والثاني على طريق برلبه، وأجمع المراسلون الحربيون على أن تقهقره وخصوصا تقهقر الفيلق السابع كان منظرا يدمي مقلة العثماني، فلا نظام واف ولا أكل كاف ولا مستشفيات نقالة للجرحى، بل شذاذ منتشرون على الطريق هنا وهناك أو محتضرون يلفظون النفس الأخير وهم يرتجفون بردا ويتألمون عطشا أو جوعا.
على أن القواد العثمانيين تمكنوا بعد ذاك الرعب من ضم شمل الجنود الباقية، وأخذوا ينكصون وهم يدافعون، ولما وصل الصربيون إلى أشتيب ثار أهلها على العثمانيين وانضموا إلى البلقانيين.
وفي يومي 26 و27 أكتوبر انقطعت كل صلة بين الجيش العثماني الشرقي والجيش العثماني الغربي، واستولى البلغاريون على الخط الحديدي في ديمتوقه، وحصل الأسطول اليوناني على السيادة البحرية من جهة أخرى، فصار من المستحيل على الجيش العثماني الذي فشل أمام الصربيين أن يتلقى نجدات أو مئونة من الأستانة، فلم يبق لدى هذا الجيش إلا مواصلة السير نحو ألبانيا حيث يرجو الحصول على قدر من المؤن، وحيث يرى أراض وعرة تمكنه من المقاومة.
صفحه نامشخص