تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط
تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط
ژانرها
وفي سنة 850 وقعت نكبة على مسيحيي الأندلس، وحصلت حوادث في قرطبة وصل خبرها إلى فرنسة، وتحرير الخبر أن الشرع الإسلامي يطلق لأهل الذمة الحرية الدينية ولا يجبرهم إلا على أداء الجزية، ولكن إذا تزوج مسلم بمسيحية فالأولاد يجب أن ينشأوا على دين الأب، كذلك إذا أسلم مسيحي أو مسيحية فأولاده معدودون من المسلمين إذا كانوا قاصرين، فإذا بلغوا سن الرشد وأرادوا الرجوع عن الإسلام فلا يحق لهم، وكذلك إذا قذف أحد المسيحيين نبي الإسلام فليس أمامه سوى الإسلام أو الموت.
وقد كان الزواج المختلط كثير الوقوع في الأندلس، فطالما تزوج مسلمون بمسيحيات وقد كانت المرأة المسيحية المتزوجة بمسلم كثيرا ما تلقن بناتها قواعد النصرانية فيحصل بسبب ذلك نزاع شديد في العائلات، وفي ذلك الوقت كان في قرطبة قسيس متضلع في اللغة العربية اسمه بهارفكتس، وكان قد شاع أن بهارفكتس في إحدى المرار تلفظ بالشهادتين وأسلم، فصادفه بعد ذلك أناس من المسلمين وسألوه عن رأيه في نبي الإسلام
صلى الله عليه وسلم
فامتنع أولا عن الجواب فألحوا عليه في تبيين رأيه، فأجاب بجواب نال فيه من الرسول، وقيل: إن المسلمين ذلك اليوم لم يتعرضوا له بسوء، ولكنه بينما كان مارا فيما بعد في أحد الشوارع جاء أحد المسلمين وأغرى العامة بالهجوم على القسيس قائلا لهم: إن هذا هو الذي قذف بالنبي، فهجمت العامة عليه، وذهبوا به إلى القاضي، فسأله عما عزي إليه من القذف، فلم ينكر كلامه، بل أيده أمام القاضي فاضطر القاضي أن يحكم عليه بالقتل، وكان ذلك في شهر رمضان فلم ينفذ فيه الحكم إلى أن انسلخ الشهر وجاء العيد فقطعوا رأسه بمحضر من جم لا يحصى من الأهالي.
54
فكان لهذه الحادثة صدى بعيد وثارت من أجلها الخواطر، وكان المسيحيون كثيري العدد في الأندلس وفي نفس قرطبة مركز السلطنة وكان المسلمون تركوا لهم كثيرا من كنائسهم وأديارهم، وكانت لهم أديار للرهبان وأخرى للراهبات، وكان من المسيحيين كثير من المستخدمين في القصر الملكي لا سيما أن القصر كان يحتوي عددا عظيما من الصقالبة، فكثرت من أجل ذلك المنازعات الدينية وصارت تتقدم الشكايات على بعض المسيحيين بأنهم قذفوا بالرسول فيؤتى بهم إلى القاضي فيسألهم فلا ينكرون، فيحكم القاضي عليهم بالقتل، ولأجل أن لا يأخذ المسيحيون أجسادهم ويحنطوها ذخائر كان الحكام يحرقون أجساد المحكوم عليهم بالقتل ويرمون رمادها في النهر، وقيل: إنهم كانوا يطرحون بعضها للكلاب.
وقد كان تأثير هذه الشدة بعكس ما أمل رجال الحكم، فإنه وجد من المسيحيين من كان يتهافت على القذف بالرسول
صلى الله عليه وسلم
ليقتلوه ويصير شهيدا، وقتل بهذا الشكل أناس كثيرون، ومن جملتهم رجل اسمه «سانشو» من فرنسة كان مستخدما في القصر، واثنان من الخصيان في القصر أيضا، وأكثر من تهافت على القذف بالرسول لنيل الشهادة المتحمسات من النساء المسيحيات.
55
صفحه نامشخص