وقبل أن نذكر أعضاء هذه الأخوية يجب أن نلمح إلى رجل لم يكن ممن نزعوا إلى «ما قبل رفائيل» ولكنه تأثر بالنهضة الجديدة كما أثر فيها. نعني به «فورد مادوكس براون» الذي ولد سنة 1821 ومات سنة 1893. وكان مولده ونشأته في فرنسا حيث رأى أشهر الرسوم الفرنسية والأوروبية في غنت وبروج وانفرز ورومية. وهناك في هذه المدينة الخالدة انتهى إلى ما يقرب من النتيجة التي انتهت إليها «الأخوية» وهو وجوب الرجوع إلى ما قبل رفائيل في الروح والنزعة مع الاحتفاظ باتقان الصناعة. بيد أنه لم يجعل هذا مذهبا كما جعله أولئك الرسامون الثلاثة. وبقي طول حياته وهو صديقهم، بل هو نفسه كان معلما لروزيتي. وأشهر رسومه صورة «المسيح يغسل قدمي بطرس» وهي تتفق ونزعته إلى «ما قبل رفائيل».
وقد رأى أعضاء هذه «الأخوية» مقاومة بل استهجانا من الجمهور، فأصدروا مجلة تدعى «الجرثومة» للدفاع عن مذهبهم. وغلوا فيها إلى حد الشطط، فزاد استهجان الجمهور لهم، فلم ينثنوا بل دأبوا في الدعوة حتى صار لهم حزب يدافع عنهم. وأعظم من دافع عنهم هو جون رسكين الكاتب المعروف.
وترى طريقة «الأخوية » على أوضحاه في رسوم «ميليس» مثل «الأمر بالإفراج» و«العمياء». ومات ميليس سنة 1896.
أما «روزيتي» فكان أضعف صنعة من «ميليس» ولكنه كان أكبر خيالا. وأحسن رسومه «الحبيبة» وقد اتخذها من نشيد الإنشاد في التوراة، وهي تمثل المرأة التي يتغنى بها سليمان. وله أيضا «حلم اليقظة» وقد ساعده رسكين بماله ونفوذه، ولكن حظه كان سيئا فقد ماتت زوجته التي كان يحبها كثيرا وبلغ من وجده أن وضع في كفنها قصائده التي ألفها في حياته معها. ولكنه عندما عضته الفاقة عاد فنبش قبرها واستخرج هذه القصائد ونشرها. وقد بقي سنوات بعد وفاتها وهو لا يعمل شيئا للجمود الذي استولى على ذهنه عقب وفاتها. ومات هو سنة 1882.
أما «هولمان هونت» فهو أثبت الثلاثة على مبادئ «الأخوية». وربما ساعده على ذلك تعلقه بالدين؛ لأن هذه الروح تأتلف وما قبل رفائيل. وأحسن ما تركه من الرسوم صورة «نور العالم» وهي صورة للمسيح وحوله هالة من النور وبيده مصباح. وقد زار فلسطين مرتين لكي ينقل المناظر التي حدثت فيها والخاصة بتاريخ المسيح. ومات سنة 1910.
ولا يمكن أن يذكر الإنسان «أخوية ما قبل رفائيل» حتى يخطر بباله «بورن جونز» الذي ولد سنة 1833 ومات سنة 1898. فهذا الرسام العظيم لم يكن عضوا بهذه الأخوية ولكنه تأثر بها. ويرى الناظر إلى وجوه النساء اللواتي يرسمهن شبها عظيما لوجوه «روزيتي» وإن كان «روزيتي» يمسح عليهن مسحة الصحة حين يكاد «بورن جونز» يجعلن مرضى شاحبات. وأحسن ما تركه هو «أنشودة الحب».
أما الطبقة الثانية:
وهي تلك التي نزعت إلى التاريخ القديم، فقد سبق أن ذكرنا أن بعض الرسامين في الثورة الفرنسية جعلوا دأبهم رسم الموضوعات التاريخية. وكانوا يحتقرون رسم الحوادث أو الأشخاص التي تعاصرهم. وقد ظهرت طبقة في إنجلترا في عصر فكتوريا تنزع هذه النزعة، وأعظم أشخاصها هو «اللورد ليتون» الذي ولد سنة 1839 ومات سنة 1896. فقد زار وهو بعد صبي إيطاليا وتشبع بتاريخ القدماء، وبقي مدة في فلورنسا يتعلم الرسم من المعلمين الإيطاليين. ثم رحل إلى باريس حيث أسس له مرسما، وكان يرسم الحوادث الإغريقية وأساطير القدماء. وأحسن رسومه «استحمام بسيكه» وكان مثالا أيضا له تمثال «الرياضي والثعبان».
ومن هذه الطبقة أيضا نذكر الرسام «بوينتر» الذي ولد سنة 1836 ومات سنة 1919، ومعظم رسومه تتعلق بموضوعات تاريخية عن الإغريق والرومان والمصريين. ومن أحسنها صورة «الجندي الروماني» الذي يقف في مركزه وبومباي تحترق بالبركان وهو ثابت لا يبرح مكانه. وكذلك صورته عن «الإسرائيليين في مصر».
ومن هذه الطبقة أيضا «الماتاديما» وهو رسام هولندي ولكنه تابع للمدرسة الإنجليزية إذ عاش عمره في إنجلترا. وقد ولد سنة 1836 ومات سنة 1912، وموضوعاته عن المصريين والإغريق والرومان. ومن أحسن رسومه «الحب في الكسل».
صفحه نامشخص