كتبت عليها آيات القرآن في عهد الرسول. وأخذ ما لم يجدوه في الألواح من صدور الحفاظ. ولقد قال زيد ابن ثابت المكلف بهذه المهمة من قبل ابي بكر : لقد تتبعت القرآن أجمعه من العسب واللحاف وصدور الرجال ، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري ، لم أجدها مع أحد غيره (1). ومن المعلوم ان الكتاب والسنة هما المصدران الوحيدان للأحكام ولجميع المبادئ التي بني عليها الإسلام. وكل ما صدر منهم انهم اهتموا بجمع القرآن خوفا من ضياعه. أما بالنسبة إلى السنة ، فمع انها ليست بأقل أثر في التشريع من القرآن الكريم ولولاها لم يتم التشريع ولم تظهر معالمه ، فلم يقوموا بأي عمل إيجابي يحفظها من التلاعب والدس والكذب ، كما حدث من بعض المأجورين في عهد الصحابة والتابعين ، وكان الأحرى بهم ، وقد ظهروا بمظهر الحريص على القرآن من الضياع والتلاعب ، وجمعوا الألواح والصحف ، التي كتبت عليها آياته ان يقوموا بمثل هذا العمل بالنسبة إلى السنة الكريمة ، فيجمعوا آثار الرسول وحديثه ، لسد الباب في وجه المرجفين والمأجورين ، لا سيما وهم يعلمون ان القرآن لم يف بجميع مراحل التشريع ، وأنه وضع المبادئ العامة وترك تفصيلها واجزاءها وشرائطها إلى الرسول الأعظم (ص). ويعلمون أيضا أن لقوله من القداسة ما للقرآن ، لأنه لا ينطق عن الهوى ، وان ضياع حديثه أو التلاعب فيه يحدث أثرا سيئا في تشريع الأحكام وفهم نصوص القرآن.
يعرفون كل ذلك ولا يجهلون منه شيئا ، وبدلا من أن يقوموا بدافع من الدين ، الذي ظهروا بمظهر الحرص عليه ، بعمل بناء يبقي على السنة النبوية جلالها وقداستها وجمال أسلوبها واضوائها اللامعة ، وما
صفحه ۱۴۷