93

قال: وكان قد عزم السلطان في هذه السنة على الغزاة فصدوه وعرضوا كتابا من بعض أمراء بلاد شروان يذكر فيه أنني قد استخلصت لكم المملكة الشروانية، وأهلها ينتظرون الراية السلطانية. وأن الملك شروانشاه محصور، وأن الفرج عليه محظور. فإن أردتم تملك الخزائن، واستخراج الدفائن، والاستيلاء على الممالك فاصرفوا إليها الأعنة، واشرعوا نحوها الأسنة. فثنوا عزم السلطان إلى قصد بلاد شروان. فلما وصل وجد الأمر بخلاف ما ذكر، وخرج إليه الملك شروانشاه راجيا أنه قد عاد عيده.

وأن يتحلى بعد العطل بطوق الإنعام جيده. فإنه كان فقيرا قد قنع الرعية بملكه وألفوا الانخراط في سلكه. فيحن وطئ البساط طوى بساطه، وعقل نشاطه، وسحب وحبس، وغبن وبخس. وانتظر أهل البلد أنه يعود إليهم مملكا مكملا، مشرفا مجملا. فحين عرفوا الحال أكثروا الصراخ والبكاء، وأثاروا الرجال والنساء، وخربوا عظائم تأنف منها العظماء. واجترحت كبائر تأباها الكبراء. وجر ذلك الخبط خطبا. لم يدع يابسا ولا رطبا. وطمع الكفار المثاغرون 1فأغاروا. وأبادوا الأعمال وأباروا، وقتلوا خلقا من المسلمين ونزلوا قبالة السلطان في ثلاثين ألف عنان على فرسخين، لكن الله تدارك رمق الإسلام بكسر أولئك الأغنام. ونهض السلطان محمود إليهم محمودا ولم يدع في هزمهم مجهودا، وعاد منصورا مسعودا.

ولما حبس الملك وقع الشروع في مصادرة الرعية فلم يحصلوا على طائل ولم يظفروا بحاصل. وكانت للخزانة السلطانية، في كل سنة على الأعمال الشروانية، مقاطعة مبلغها أربعون ألف دينار، فبطل حق تلك المواضعة بوضع الباطل. وطال المقام في تلك البلاد لدفع البلاء، ورفع الأهوال والأهواء. وكان هذا القرار على شروان من عهد سلطان ملكشاه بن ألب أرسلان، فإنه لما عبر على أران، وصل إلى خدمته الملك فريبرز صاحب شروان بعد امتناعه والتزم بحمل سبعين ألف دينار إلى الخزانة. وما زالت المسامحات تدخل في القرار إلى أن وقف على أربعين ألف دينار. فباء الوزير بالوزر، وقبح الذكر. ولم يحظ في مدة سنة واحدة من وزارته بعمل يذكر به إلا حبس أنوشروان، وتخريب شروان. ولما أبصر السلطان اختلال الأحوال، واختلاط تلك الأعمال سخط على الوزير شمس الملك بن نظام الملك، وقتله بالسيف صبرا. وذلك في آخر ربيع الأول سنة 571 ه بباب بيلقان.

قال أنوشروان: وكان الذي جرى على من الأخذ والنهب بباب حلوان أيضا في آخر ربيع الأول سنة 516 ه.

صفحه ۲۷۵