ووصل السلطان إلى بغداد ونزل على دجلة، عند مسناة عز الدولة رائع الهيبة، رائق الهيئة، قد ضاقت الأرض بجنوده، وضاقت السماء عذبات بنوده. فقبض على الملك الرحيم أبي نصر الديلمي من نسل عضد الدولة، وسيره إلى الري فقطع عليه الأجل الطريق في طريقها، وآذنت جموع ممالك الديلم بتفريقها. وقبض عميد الملك أبو نصر الكندري الوزير الأعز أبا سعد وزير الملك الرحيم، ثم استدام صحته حين ألفاه في الكفاية صحيح الأديم، وأطلقه وأطلق يده في الحل والعقد والحبس والإطلاق.
وعول عليه وفرض إليه النظر في العراق.
قال: وتوفى هذه السنة قاضي القضاة الحسين بن على بن ماكولة، فخاطب عميد الملك في توليه قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن الدمغاني، فتسنت قاعدته في ذي القعدة من السنة. وأحسن العناية به لمعانيه الحسنة. قال: هو قدوتنا بخراسان الموصوف بجميع الألسنة. وحضر عميد الملك الكندري في بيت النوبة الشريفة، وخص من دار الخلافة بالمنزلة اللطيفة. وانفذت معه برسم السلطان خلع سنية، وتشريفات سرية .
قال: وتقدم طغرلبك ببناء مدينة على دجلة، وهي التي جامعها اليوم باق، وكانت حينئذ ذات أسوار وأسواق.
قال: ودخلت سنة 448 ه، وفي المحرم منها عقد الخليفة على ابنة أخي طغرلبك أرسلان خاتون خديجة بنت داود بن ميكائيل، وقصد بذلك تعظيمه والتبجيل، ولئلا يجد الأعداء بهذه الوصلة إلى قطع سبيل المودة بينهما.
ذكر الحال في ذلك
قال: في المحرم جلس الإمام القائم بأمر الله، أمير المؤمنين. وأحضر عميد الملك الكندري وقدمه على المقدمين وتقدم إليه بإحضار من يجوز إحضاره، ويقع عليه إيثاره. فشد وسطه وأخذ دبوسا في يده، وجرى في حفظ آداب الخدمة على جدده، واستدعى أماثل دولة السلطان فخدموا الخليفة، وشاهدوا السدة الشريفة. ثم شرع رئيس الرؤساء في خطبة النكاح، وجاء بها على وفق الاقتراح، واستوعب شرائط الإيجاب بالذكر، من تسمية المخطوبة والمهر. ثم قال: إن رأى سيدنا ومولانا أن ينعم بالقبول. فقال الخليفة: قد قبلنا هذا العقد بهذا الصداق. فامتزجت الدولتان بالاستحقاق واستمرت البركة، واستقرت المملكة.
صفحه ۱۸۸