ولما كان يوم العيد اجتمعوا من القريب والبعيد وهموا بالنهب، فركب طغرلبك لمنعهم، وجد في ردعهم. وقال: الآن وقد جاء كتاب الخليفة المفترض الطاعة على الخليفة. وقد خصنا من توليته إيانا بالحق والحقيقة. فلح عليه أخوه جغري بك داود وأخرج سكينه وقال: إن تركتني وإلا قتلت نفسي بيدي. فرق له وسكنه، وأراه أنه مكنه، وأرضاه بمبلغ أربعين ألف دينار قسطه، ووزن أهل البلد معظمه، وأدى هو من ماله الباقي وغرمه. وجلس على سرير الملك الذي كان لمحمود بن سبكتكين في نيسابور، ونهى وأمر، وأعطى وأخذ، وأبرم ونقض، وأحكم وقوض. وجلس يومي الأحد والأربعاء لكشف المظالم. وبسط المعدلة وبث المكارم. وسير أخاه داود إلى سرخس فملكها، ونهج له طريقة في العدل فسلكها، وسير إلى دار الخلافة المعظمة رسولا يعرف بأبي إسحاق الفقاعي، صبيح البهجة، فصيح اللهجة، بكتاب مضمونه أنهم لما وجدوا ابن يمين الدولة مائلا عن الخير والسمو، مشتغلا بالشر والعتو، غاروا للمسلمين والبلاد. وهم عبيد أمير المؤمنين في حفظ البلاد والعباد. وقد سنوا سنة العدل، وأسنوا سنا الفضل. وبطلوا مراسم العسف، وعطلوا مواسم الحيف.
ومضى رسولهم، وقضى سؤلهم. وتواصلت مع مسعود بن محمود بن سبكتكين حروبهم، وهزموه في سنة 430 ه. واشتدت منعتهم، وقويت شوكتهم واستولوا على خراسان وتجاوزوها إلى العراق. وطرأوا على ملك الديلم، ورموه بالصيلم 1.
وغلبوا الأملاك، وبلغوا الأفلاك، واقتسموا البلاد، وطرفوا طرافها والتلاد.
قال: وللسلطان طغرلبك محمد بن ميكائيل بن سلجق، ولأخيه جغري بك أبي سليمان داود بن ميكائيل بن سلجق، من نهر جيحون إلى نيسابور، ولأخيه من أمه، وهو ابن عمه، إبراهيم بن ينال بن سلجق، قهستان وجرجان، ولابن عمه أبي علي
الحسن بن موسى بن سلجق، هراة وبوشنج وسجستان وبلاد الغور.
وقال: وامتد طغرلبك إلى الري، وقد كانوا جعلوا له جميع ما يفتحه من هذا الصوب، فحمد الرأي بالري، ونجزت عدة جدته بعد اللي. ووجد في دور الديلم دفائن وخزائن، سفرت بها أيامه عن أيامن. فتأثل وتأثث، وورى زند سعده بما ورث.
وقدم قدامه إبراهيم بن ينال فقر بقرميسين وانتزعها من الأمير أبي الشوك فارس بن محمد بن عناز، وحل بحلوان. وتوفي أبو الشوك في شهر رمضان، وذلك سنة 437 ه. وفي هذه السنة وزر رئيس الرؤساء أبو القاسم علي بن الحسن بن مسلمة للقائم بأمر الله وهي أول سنة ورد فيها الأتراك إلى العراق، وانتشروا منها في الآفاق.
صفحه ۱۸۶