تاريخ دولة آل سلجوق
تاريخ دولة آل سلجوق
ژانرها
قال: وهذا ثابت، كان من دهاة الرجال، وكفاة الأعمال. وبمشورته شيدت القواعد، وشدت المعاقد، وولى المقتفي وخلع الراشد. وأما السلطان مسعود فإنه بعد خروج الراشد من مقام الخلافة، استشار الوزير شرف الدين علي بن طراد الزينبي، وكان قد اعتقله بعد ما جرى على المسترشد ثم أطلقه واستصحبه، وخاطبه فيمن يخطب له، فأشار بخير الخلائف والخلائق، أبي عبد الله محمد بن المستظهر. فبويع له بالخلافة في ذي القعدة سنة 530 ه، ونعت بالمقتفي لأمر الله، ووزر له شرف الدين الزينبي، وأجمع الأنام على بيعته، واجتمعت الآمال الظامئة على شرعته. وذكر السلطان راجعا إلى الجبل، واثقا بحصول الأمل. وانتهى إليه أن أتابك منكوبرس للخروج عليه مستعد، وأنه مستجند مستنجد لمجاوريه، مستجيد لعدة الحرب مستجد.
فأنهض أتابك قراسنقر إلى أصفهان ليكون على طريق دفعه، فسار ومعه يرنقش البازدار، وجاولي الجاندار، وسنقر صاحب زنجان وهم العظماء الكبار. وهم أعضاد الدولة وأركانها، وملاك مسكن المملكة وسكانها. ووصلوا إلى أصفهان، وكان القحط في الابتداء، فكانوا سبب الوباء والغلاء. وأكلوا ما وجدوه من الرطب واليابس، وألحقوا الغني بالفقير البائس.
قال: وأنا أذكر، وقد وصل قراسنقر ووزيره عز الملك أبو العز البروجردي، وكان من الشياطين الذين استتبعهم في عصره الدركزيني، فقبض بقايا أملاكنا التي أسأرتها المصادرات، وعمد إلى شمل جماعتنا ليسرع فيه الشتات، وأقاموا تلك الشتوة بأصفهان، ثم صح الخبر بوصول أتابكه منكوبرس، فعرف قراسنقر والأمراء أنهم لا يطيقون مقاومته، فساروا إلى همذان، ولحقوا بالسلطان. وجاء منكوبرس إلى أصفهان، فخلفهم في الظلم والإظلام. ورعى الغلال قبل إدراكها، وأعجل الأرماق عن امتساكها. وأقام مدة، ولقي الناس منهم شدة، ورحل في أوفر عدة وأوفى عدة.
صفحه ۳۰۴