115

قال-رحمه الله-: كانت أم مسعود حظية تسمى نيست أندر جهان، وزوجوها بعد وفاة السلطان محمد الأمير الأصفهسلار منكوبرس والي العراق. ونقلوا معها برسم جهازها من الخزانة السلطانية أموالا لا تنفد مع دوام الإنفاق. وكان منكوبرس من أكرم أمراء الدولة وأعيانها، وقد استبد بإقطاعات العراق بعد وفاة السلطان ، وتفرد بها مدة حياته، وارتفع بوفور ارتفاعاته. وحكى عن وزيره ولي الدين المخلص محمد الميانجي أنه قال: "جمعت له في العراق ألف ألف وثلاثمائة ألف دينار نقدا مطبوعا بالسكة الإمامية، سوى ما كان له من الآلات والثياب والدواب والجواهر. وقد ألممنا بذكر قتله في عهد السلطان محمود، ورجعنا إلى حديث مسعود. وذلك أنه سلمه والده في سنة 505 ه إلى الأمير الأصفهسلار مودود صاحب الموصل.

ثم جهز مودودا لحرب الإفرنج، ووصل إلى الطبرية وروى صدى الإسلام من دم الكفر، وشهر على أيمان الإيمان نصل النصر. وعاد إلى دمشق محبوا بالفتح، محبورا بالنجح.

وحضر في الجامع في آخر جمعة من ربيع الآخر سنة 507 ه، وخرج ويده في يد طغتكين صاحب البلد، وهو محفوف من جنده بذوي العدد والعدد. فجاء إليه رجل وضربه بضربتين، فنفذت إحداهما إلى خاصرته، وحمل إلى دار طغتكين، وعز فيه عزاء المسلمين. وقيل إنه خاف منه على دمشق فدس إليه. ولولا ذلك لكان لما أهريق منه الدم شق عليه. ولما وصل نعي مودود إلى السلطان محمد، سلم ولده مسعودا إلى آق سنقر البرسقي وأقطعه الموصل والجزيرة، وأجزل له عطاياه الغزيرة. ولما توفي محمد، تولى محمود، فزوج أم مسعود بمنكوبرس استمالة لقلبه، وإظهارا للتقرب إليه ترغيبا له ورغبة في قربه.

فلما ظفر به قتله، وحلى بصبغ دمه من سيفه عطله. وجمع جوشبك الجيش، وسار بمسعود إلى حرب أخيه محمود، فكان ما كان من هزيمته، وقتل أبي إسماعيل الطغرائي وزيره.

ثم استدعى السلطان سنجر بعد ذلك مسعودا وإخوته، وقرر على السلطان محمود من مال العراق نفقتهم ونفقته، إلى أن خرج الأمراء على محمود في آخر أيامه. فاستدعوا مسعودا من جرجان، وحملوه على مناجزة السلطان. فما تسنى له أمر، ولا تهيأ له نصر.

فاستمال السلطان محمود أخاه مسعودا وقربه، وسيره إلى أرانية، واستكانت لهيبته عيون أعيانها الرانية، ثم لما توفي محمود، جرى له ما ذكرناه مع أخيه طغرل، حتى مضى لسبيله.

صفحه ۲۹۷