مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد
حمد الله على نعمه الجسام، ومننه العظام، والصلاة والسلام على خير الأنام، سيدنا نبيه محمد وعلى آله البررة الكرام. فإني لما فرغت من انتخاب الكتاب الموسوم بالبرق الشامي من إنشاء الإمام السعيد عماد الدين محمد بن محمد بن حامد الأصفهاني الكاتب، -رحمه الله-، طالعت كتابه الموسوم «بنصرة الفترة وعصرة الفطرة، في أخبار الوزراء السلجقية» فصادفته قد سلك فيه منهجه المعروف في إطلاق أعنة أقلامه في مضمار بيانه، وإسباغ أزيال القرائن المترادفة من وشائع ما يحبره راقم بنانه، بحيث صار المقصود مغمورا في تضاعيف ضمائر الأسجاع، وربما كان. لا يرفع للإصغاء إلى بدائعها حجاب بعض الأسماع. فانتخبت منه هذا المختصر الذي هو بعد اشتماله على جميع مقاصد الكتاب محتو على عيون قرائنه البديعة، وزواهر ألفاظه الفصيحة، خدمة لملك اجتمع فيه من الفضائل ما تفرق في جميع سلاطين الأمم، وصار نظاما لمحاسن يتزين بأفرادها سائر ملوك العرب والعجم .. مولانا السلطان الملك المعظم أبي الفتح عيسى ابن السلطان الملك العادل أبي بكر بن أيوب، لا زالت معارج دولته راقية في مدارج الإقبال، وعتبات مجده مطمحا لعيون الإعظام والإجلال، ومصابيح علومه متوقدة يهتدي بها الشاردون فيخرجون من ظلم الزيغ والضلال وينابيع أياديه متفجرة يكرع فيها الهائمون فينقعون غلل الآمال.
وقد افتتحت به في شهر ربيع الأول سنة 623 ه مستعينا بالله تعالى ومستمدا من حوله وقوته ومبتهلا إليه، وسائلا إياه أن يوفقني في ذلك وفي جميع أموري بفضله ورحمته، وهو حسبي وكفى.
صفحه ۱۸۳