والجمهور على أنه لا بد للأديب من الاطلاع على فنون شتى غير الفنون اللسانية، ليتحذر من التورط في الأغاليط عندما يتطرق في شعر أو نثر إلى ما له مساس في تلك الفنون، ولكي يستعين بذلك على فهم كلام المحدثين الذين أولعوا بتضمين منثورهم ومنظومهم الكثير من مسائل تلك العلوم، فمن ذلك مثلا قول الطغرائي:
فإن علاني من دوني فلا عجب
لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل
وقوله أيضا:
لو كان في شرف المأوى بلوغ منى
لم تبرح الشمس يوما دارة الحمل
وقول أبي الطيب:
وكم لظلام الليل عندك من يد
تخبر أن المانوية تكذب
فإن البيتين الأول والثاني لا يفهمهما إلا من شدا طرفا من علم الهيئة، والثالث لا يفهمه إلا من ألم بشيء من علم الكلام. وأمثلة هذا كثيرة، ولا سيما في كلام المتأخرين من الأدباء، وإلى هذا أشار ابن خلدون في تعريفه علم الأدب بقوله: «والأخذ من كل علم بطرف.»
صفحه نامشخص