============================================================
ذكر ابراهيم عليه السلام استهزاء بقومه فإنه كان يعلم أن القوم يعلمون ضرورة أنها جمادات لا تنطق ولا تعقل ونظير ذلك من قول الناس أن يأكل الرجل خيص صاحبه أو تمره، فإذا قال له من أكل تمري فيقول: هرتنا هذه استهزاة منه لما يعلم أن صاحبه موقن آن الهرة لا تأكل التمر فرجعوا إلى أنفسهم وقالوا: إنكم أنتم الظالمون، وذلك أن الأغمار والوالة قالوا ولم فعل كبيرهم هذا قالوا: لأنه غاظه عبادتكم غيره معه ففعل بهم ما فعل فقال الأغمار لعله كما يقول فقال الأعقلون منهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون فلذلك أجزأت على توريك الذي عليهم فقال لهم إبراهيم إن أصنامكم لا تتكلم ولا تعقل ولا تقدر على شيء {قكال أفتفبدون من دون الله ما لا ينفعطم شييا ولا يضركم أف لكز ولما تعبدوب من دون الله أفلا تعقلوب) [الأنبياء: الآيتان 66، 67] إنما يكون من العجز فالموت على هذه الصفة لا تستحق للعبادة، فلما أظهر لهم دينه وأقر علموا أنه صاحب الأمر فقال له نمرود: إنك لتعبد إللها غيري قال: بلى، قال: فمن إللهك الذي تعبده؟ قال: الذي يحيي ويميت، يعني من يقدر على الإحياء والاماتة قال نمرود: وأنا أيضا أحيي وأميت فأمر حتى أخرج من سجنه رجلان قد استوجبا القتل فقتل أحدهما، وقال: قد أمت هذا وخليت سبيل الآخر، وقال: قد أحييت هذا. فقال له إبراهيم: ليس هذا بإحياء، إن قدرت على الإحياء والإماتة فأخرج روح رجل من أن تقتله ثم أدخل فيه الروح من بعد ذلك فأورد عليه ما لم يكن عنده جوابه. ثم قال له إبراهيم: فإن الله الذي أعبده هو الذي يأت بالشمس من الشرق} [البقرة: الآية 258) ويطلعها كل يوم من الشرق فأت بها من المغرب [البقرة: الآية 258] إن كنت إللها فبهت الكافر عند ذلك وانقطع ولم يقدر على جوابه. فإن قال قائل كيف ادعى نمرود الإحياء والإماتة؟ فقال: أنا أخىء وأمير) [البقرة: الآية 258]، ولم يقل إني أنا الله الذي أطلع الشمس من المشرق، وقد ذكرنا جواب هذا في معاني سورة البقرة. وروى آنه لما عجز نمرود انقطع عند قول إبراهيم فأت بها من المغرب} . قال الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي لا تقوم الساعة حتى آتي بالشمس من مغربها. فقال إبراهيم عندما اذعى نمرود إحياء الموتى فقال: رب أرنى كيف تحى الموق} [البقرة: الآية 260] وأراد أن يعرف كيفية إحياء الموتى مشاهدة ليزداد بصيرة في ذلك فقال الله له: أولم تؤمن} [البقرة: الآية 260) في إحياء الموتى؟ قال بكن ولكن ليطمين قلبى} [البقرة: الآية 260) خزانة قلبي فيما أشتهي من النظر والمشاهدة، لذلك وليس الخبر كالمعاينة وإن لرؤية الشيء عيانا لذة ويلج صدر غير العلم به قال الله تعالى له: فخذ أريعة من الطير فصرهن إليك} [البقرة: الآية 260] أي قطعهن ويقال إنه
صفحه ۷۲