361

============================================================

ذكر ذي القرنين برى أقصى العالم سبحان الله من منتهى الظلمة إلى منتهى النور فدنا منه فإذا له عينان مثل البرق الخاطف، فلما دنا منه قال له الملك: من أنت أملك أم إنسي أم جني قال: بل انسي قال: فمن أين أقبلت؟ قال: إني جاوزت المشرق والمغرب وقد سرت ثمانية عشر يوما على أرض ملساء قال: إنك لا تمشي على الأرض بل مشيت على الماء في البحر الأخضر المحيط بالأرض، فكان ذو القرنين شك أن يكون مشى على الماء فرسخت قدماه في الماء فقال له الملك: شككت بأنك مشيت على الماء فاستيقن ما جاء بك ههنا فقال له ذو القرنين: لعلك تسبني وتسميني باسم غيري، قال الملك: ما سببتك ولكنك جاوزت قرني العالم مشرقه ومغربه ولهذا سميتك ذا القرنين، فقال له ذو القرنين: ما لي أراك قابضا على هذا الجبل، قال: لأن هذا الجبل جعله الله تعالى وتد الأرض وكل الجبال عروقها متصلة بهذا الجبل فأرسى الله تعالى الأرض به لثلا تميد بأهلها وأمرني أن أمسك هذا الجبل لتستقر الأرض بقراره فإذا أراد الله تعالى أن يهلك قرية أو يزلزل الأرض زلزالا أمرني فأزعزع عرقها من هذا الجبل وهو الذي يتصل بتلك الأرض حتى يهلك بزلزلته تلك الناحية، فقال ذو القرنين: هل وراء هذا الجبل شيء؟ قال: نعم وراءه ملائكة وكل منهم يحفظ تدبير الجبل ووراءهم آجسام حملة العرش وأقدامهم تحت السابعة وأعناقهم تحت العرش، قال: فما وراء ذلك؟ قال: الله أعلم بما وراء ذلك من خلقه قد انقطع علم العلماء عن ذلك، ثم قال لذي القرنين: ارجع إلى أصحابك فقد اهتمهم أمرك، قال ذو القرنين: إني قد جعت فأطعمني شيئا؟ قال: إن الذي قواك حتى أقبلت فإنه يقويك حتى تنصرف إلى أصحابك بلا طعام قال: لا بد لي من زاد قال: فناوله الملك شيئا كأنه عنقود عنب وقال: كل منه واذهب به إلى أصحابك وأطعمهم منه حتى يشبعوا فأخذه ذو القرنين ثم قال له أوصني أيها الملك الصالح المطيع لربه قال له الملك: انظر أيها العبد الصالح إذا أمسيت فلا تهتم ليلتك واعمل اليوم لغد، ولا تفرح بشيء من الدنيا وإياك والغضب وإياك والعجلة في الأمور وعليك بالرفق في كل ما تأتي وترذ، قال ذو القرنين أرشدك الله أرشدتني ونصحتني ورجع ذو القرنين يمشي مسيره حتى وصل إلى أصحابه فإذا هم قد أجهدهم الجوع فجعل يعطي الحبة من ذلك العنقود للجماعة فأكلوا وشبعوا منه جمييا وفضلت منه فضلة ثم إنه سار بعسكره حتى توسط البلاد، وروي آن ذا القرنين كان يتفقد آمور رعاياه بنفسه فبينما هو يسير في بعض الأحايين في بعض مملكته إذ لقي قاضيا ولم ير أحذا يختلف إليه في خصومة فهم ذو القرنين بالانصراف فرأى رجلين قد اختصما إلى القاضي فقال أحدهما: اشتريت دارا من صاحبي هذا وعمرتها ثم رآيت فيها كنزا فدعوته إلى أخذه فأبى، فقال له القاضي: ما تقول؟ فقال: إني لم أدفن الكنز ولم أعلم من دفنه وليس هو لي فآخذه فقال الخصم مره

صفحه ۳۶۱