============================================================
398 ذكر عزير بن شرخيا عليه السلام كما كانت ورأى عجوزا عمياء قاعدة على الباب قد أتى عليها مائة وعشرون سنة فسألها وقال: أهذا منزل عزير؟ قالت: نعم وبكت وقالت: ما رأيت أحدا يذكره منذ سنين، فقال: أنا عزير قالت: يا سبحان الله إنا قد فقدنا عزيرا منذ مائة سنة، قال: أنا العزير قالت: وإن عزيرا استجاب الدعوة فادع الله تعالى أن يرد علي بصري حتى أعلم صدقك، فدعا ربه عزير ومسح عينيها فرد الله تعالى عليها بصرها، فلما نظرت إلى العزير قالت: أشهد أنك العزير وكانت المرأة مولاة لهم قد ربت عزيرا ثم إنها انطلقت إلى مجلس بني اسرائيل وفيهم ابن العزير ابن مائة وعشر سنين وبنو ابنه شيوخ فقالت لهم: هذا عزير قد جاءكم فكذبوها فقالت: إني فلانة العمياء مولاتكم دعا لي عزير فرد الله تعالى علي بصري وشفاني فنهض الناس فلما انتهوا إلى العزير وسألوه فأخبرهم أنه عزير فقال ابنه لأبي شامة مثل الهلال بين كتفيه فأرنها فكشف له فرآها فإذا هو عزير، فقال القوم: لم يكن في بني إسرائيل آحد أعلم بالتوراة منه وقد ذهبت بعد حرق بخت نصر لها، فلم يبق لنا كتاب فإن كنت عزيرا فاقرأ لنا التوراة فقرأها لهم من ظهر قلبه فقالت اليهود بعد ذلك عزير ابن الله قال ابن عباس كان عزير يجلس في مجلس وهو شاب لأن الله تعالى كان قبضه وهو ابن ثلاثين سنة وبعثه كذلك وكان ابنه ابن مائة سنة وعشرين سنة، وبنو ابنه مشائخ كلهم فكأنه آية للناس أي أعجوبة قال ابن عباس وكان عزير أول من تكلم في القدر وسأل ربه عنه وذلك أنه قال: يا رب إني لأعجب كيف سلطت أعداءك الكفرة على عبادك المؤمنين وأبناء أنبيائك حتى قتلوهم وأخربوا بيتك ومسجدك وحرقوا كتابك المنزل فقال الله تعالى: لايا عزير إنهم عصوني فاذا عصاني من عرفني سلطت عليه من لا يعرفني". فقال عزير: يا رب إن شئت أن لا تعصى ما عصيت، وإن شئت أن تطاع لأطعت فقال الله تعالى يا عزير القدر سري فلا تدخل فيه وويل لمن سأل عن سري فانتهى عزير حينا، ثم إنه عاود ربه وقال إللهي اشتبه علي أمري، فقال الله تعالى: وما الذي اشتبه عليك؟ فقال: تسليطك عبدة النيران على أوليائك وأصفيائك حتى قتلوهم وأسروهم وخربوا بيتك وحرقوا كتابك الذي جاء به موسى فكيف هذا يا رب، قال الله تعالى: يا عزير إن بني إسرائيل انتهكوا محارمي وقتلوا أنبيائي فسلطت عليهم من لا يرجو ثوابي ولا يخاف عقابي فانتقم منهم فيكون أبلغ في العقوبة فإني لو سلطت عليهم غيرهم لم يبلغوا من عقوبتهم ما بلغ هؤلاء؟ قال عزير: يا رب أنت حكم عدل لا تجور وقد كان في بني إسرائيل من لم يركب الدنب فكيف أخذت العامة بدعوة الخاصة والبريء بذنب المجرم قال الله تعالى: يا عزير اخرج إلى فلاة من الأرض حتى يأتيك أمري فخرج إليها فأرسل الله تعالى ملكا فقال له: يا عزير هل ترى أفتا؟ قال: لا، قال: أتقدر أن تكيل كيلا من نور أو تزن مثقالا من ريح؟ قال: لا، قال: فكذلك لا تقدر أن تعلم سرى
صفحه ۳۰۸