فحمد العباس الله وأثنى عليه وقال إن الله بعث محمدا كما وصفت نبيا وللمؤمنين وليا فمن على أمته به حتى قبضه الله إليه واختار له ما عنده فخلى على المسلمين أمورهم ليختاروا لأنفسهم مصيبين الحق لا مائلين بزيغ الهوى فإن كنت برسول الله فحقا أخذت وإن كنت بالمؤمنين فنحن منهم فما تقدمنا في أمرك فرضا ولا حللنا وسطا ولا برحنا سخطا وإن كان هذا الأمر إنما وجب لك بالمؤمنين فما وجب إذ كنا كارهين ما أبعد قولك من أنهم طعنوا عليك من قولك إنهم اختاروك ومالوا إليك وما أبعد تسميتك بخليفة رسول الله من قولك خلى على الناس أمورهم ليختاروا فاختاروك فأما ما قلت إنك تجعله لي فإن كان حقا للمؤمنين فليس لك أن تحكم فيه وإن كان لنا فلم نرض ببعضه دون بعض وعلى رسلك فإن رسول الله من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها فخرجوا من عنده
وكان فيمن تخلف عن بيعة أبي بكر أبو سفيان بن حرب وقال أرضيتم يا بني عبد مناف أن يلي هذا الأمر عليكم غيركم وقال لعلي بن أبي طالب امدد يدك أبايعك وعلي معه قصي وقال
( بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم
ولا سيما تيم بن مرة أو عدي )
( فما الأمر إلا فيكم وإليكم
وليس لها إلا أبو حسن علي )
( أبا حسن فاشدد بها كف حازم
فإنك بالأمر الذي يرتجى ملي )
( وإن امرأ يرمي قصي وراءه
عزيز الحمى والناس من غالب قصي )
وكان خالد بن سعيد غائبا فقدم فأتى عليا فقال هلم أبايعك فوالله ما في الناس أحد أولى بمقام محمد منك واجتمع جماعة إلى علي بن أبي طالب يدعونه إلى البيعة له فقال لهم اغدوا على هذا محلقين الرؤوس فلم يغد عليه إلا ثلاثة نفر
وبلغ أبا بكر وعمر أن جماعة من المهاجرين والأنصار قد اجتمعوا مع علي بن أبي طالب في منزل فاطمة بنت رسول الله فأتوا في جماعة حتى هجموا الدار وخرج علي ومعه السيف فلقيه عمر فصارعه عمر فصرعه وكسر سيفه ودخلوا الدار فخرجت فاطمة فقالت والله لتخرجن أو لأكشفن شعري ولأعجن إلى الله فخرجوا وخرج من كان في الدار وأقام القوم أياما ثم جعل الواحد بعد الواحد يبايع ولم يبايع علي إلا بعد ستة أشهر وقيل أربعين يوما
صفحه ۱۲۶