وفي إحدى معاركه مع أهل يام كان معه (ع) غلام من مذحج يقال له دهمش وكان ريسا شجاعا شابا، جاهد بين يدي الإمام (ع) فاستشهد صابرا محتسبا، وتاب عند القتال وكان قبل ذلك مسترسلا كما يسترسل الشباب فبقي أهله يتأسفون عليه من النار، فرضخت صبية صغيره لها ثلاث سنين بحجر فشدخ رأسها فقالت وهي تجود بنفسها لا تقبروني مع الكبار أهل الناب وأقبروني مع الصغار أهل الجنة، وإن جهمشا من أهل الجنة، وعليه صيام شهر رمضان، وهي لا تعرفه، ولا تعرف ما عليه فلما وصل الإمام عليه السلام إلى بلدة الغلام أرسلت إليه والدة الغلام وقالت إن دهمشا كان أفطر رمضان أفأصوم عنه أم ماذا اصنع؟ فعجب الناس، وعرفوا فضله (ع) (1) ولقد أيده الله في جهاده وفتوحاته بفضائل وكرامات جعلت الناس يعرفون فضله ويقبلون عليه ويسيرون تحت لوائه.
ومنها أن رجلا اعمى من المطرفية اسمه (جابر البصير) جاءه يوما وسلم عليه وجلس بين يديه يريد أن يسأله هبة جربة وصية في بلدة، فظن الإمام (ع) أنه أتاه يدعو له بالشفاء، فمسح على عينيه ودعا الله سبحانه وتعالى له، فرد الله تعالى في عينيه النظر، فرأى الإمام، ورأى من حوله، وقال إني لم آتك لهذا، فعادت الظلمة في بصره، وعرف ذلك الناس جميعا.
ونظمت الأشعار في ذلك ومنها قول القاضي محمد بن عبدالله الحميري:
يابن بنت النبي كل لسان * مادح ما يكون مدح لساني
ظهرت فيك معجزات كبار * لم نخلها تكون في إنسان
لم نخبر عنها سماعا ولكنا ... *رأينا ... يقينها بالعيان
إلى أن يقول:
غير أن الولي لله لا تن * كر فيه خصائص الرحمن (2)
إلى آخر القصيدة:
وكان (ع) شاعرا فصيحا وله من الشعر قوله يوم غيل جلاجل:
الله أكبر أي نصر عاجل * من ذي الجلال بفتح غيل جلاجل
كم منة منه علي ونعمة * وسعادة تترى وفضل فاضل
كفرت به يام ووادعة معا * وتجبروا وتمسكوا بالباطل وأتوا من الفحشاء كل كبيرة * فعلا وقولا فوق قول القائل
صفحه ۱۹۷