ﷺ، لا يحدّث إلا عن وضوء، ولا يركب دابة في دار الهجرة إجلالا لأرض ضمت جسد رسول الله ﷺ مع أنه ضعيف، وكان أمينا على العلم، فلا يترفع أن يقول في الشئ (لا أدرى). اتفق أن امرأة توفيت بالمدينة، فغسلتها غاسلة فلصقت يدها على فرجها فاحتاروا في أمرها هل يقطعون يدها؟ أو يقطعون جزءا من لحمها؟ فاستفتوا الإمام مالكا رضى الله عنه، فقال: أرى عليها حدًا فجلدوها وأقاموا عليها حدّ القذف والسبّ، وبعد ذلك خلصت يد الغاسلة، فهذا سبب قولهم: لايفتى ومالك بالمدينة.
ومن كلامه ﵁.
إذا رفع الزمان مكان شخص ... وكنت أحق منه ولو تصاعد
أنله حق رتبته تجده ... ينيلك إن دنوت وإن تباعد
ولا تقل الذي تدريه فيه ... تكن رجلا عن الحسنى تقاعد
فكم في العرس أبهى من عروس ... ولكن للعروس الدهر ساعد
ولما قدم الرشيد المدينة استقبله الناس إلا مالكا، فأرسل له يعتب عليه؛ فأرسل إليه: إنى شيخ كبير، ولى عذر من الأعذار لا يذكر.
فأرسل إليه يا أبا عبد الله نريد أن تأتينا لتحدّثنا بكتابك، فأرسل إليه، إن هذا العلم عنكم أُخذ، وأنتم أولى بصيانته، العلم يؤتى له ولا يأتي، فقال صدقت ثم ركب الرشيد إلى مالك فحبسه ببابه، فقال يا أبا عبد الله لم تأتنا وإذا أتيناك حسبتنا بالباب؟ فقال: علمت أن أمير المؤمنين قصدنى إلى حديث رسول الله ﷺ، فأردت أن أتأهب لذلك، فطلب أن يقرأ عليه في مجلس خاصّ به، فقال الإمام: اعلم أن الخاصّ لا ينتفع به فنصب له كرسى فقعد عليه فقال الإمام: حدثنا فلان عن فلان عن النبى ﷺ أنه قال: (من تواضع لله رفعه ومن تكبر وضعه الله) فنزل الرشيد عن كرسيه وقعد على الأرض بين الناس.
انتهى من كتاب حاشية الشيخ يوسف الصفتى المالكى رحمه الله تعالى ص ١٢.
فانظر رعاك فقهه وورعه، أرشده الله إلى الحق وألهمه الرشد. اللهم وفقنا أن ننهج منهجه، ونسير على ضوئه.
ونسأل الله جلّ وعلا أن يزيدنا إيمانا به وفقها في دينه إنه الرب العليم الحكيم، وصلى الله على سيدنا محمد النبى الأمى وعلى آله وصحبه وسلم.
1 / 15