وينبغى أن يعظم شيخه ومن يسمع منه، فذلك إجلال العلم وسبب الانتفاع به، ويتحرى رضاه ولا يضجره، وليستشره في أموره وما يشتغل فيه، وإذا ظفر بسماع أن يرشد إليه غيره فان كتمانه لؤم يقع فيه جهلة الطلبة، فإن من بركة الحديث إفادته، وبنشره ينمى، ولا يمنعه الحياء والكبر من السعي التام في التحصيل وأخذ العلم ممن دونه في نسب أو سن أو غيره، وليصبر على جفاء شيخه، وليعتنِ بالمهمّ، ولا يضيع وقته في الاستكثار من الشيوخ لمجرّد اسم الكثرة.
وليتعرف صحة ما يفهم وضعفه وفقهه ومعانيه ولغته وإعرابه وأسماء رجاله محققا كل ذلك معتنيا بإتقان مشكلها حفظا وكتابة، مقدما الكتب الصحيحة.
النوع التاسع والعشرون: معرفة الإسناد العالي والنازل:
(١) أجلها القرب من رسول الله ﷺ باسناد صحيح نظيف.
(٢) القرب من إمام من أئمة الحديث وإن كثر بعد العدد إلى رسول الله ﷺ.
(٣) العلوّ بالنسبة إلى رواية أحد الكتب الخمسة أو غيرها من الكتب المعتمدة.
النوع الثلاثون: المشهور من الحديث، وهو ما نقله من يحصل العلم بصدقهم ضرورة عن مثلهم، وهو قسمان: صحيح، وغيره، ومشهور بين أهل الحديث خاصة وبين غيرهم، ومنه المتواتر المعروف في الفقه وأصوله، ولا يذكره المحدِّثون.
النوع الحادي والثلاثون: الغريب والعزيز: فالغريب ما انفردوا بروايته، أو بزيادة في متنه إو إسناده وانفرد عن الزهرى وشبهه ممن يجمع حديثه رجل، فإن انفرد اثنان أو ثلاثة سمى عزيزا، فان رواه الجماعة سمى مشهورا، وغريب الحديث ما وقع في متن الحديث من لفظة غامضة بعيدة من الفهم لقلة استعمالها.
النوع الثاني والثلاثون: المسلسل. وهو ما تتابع رجال إسناده على صفة أو حالة، للرواة تارة وللراوية تارة، وصفات الرواة أقوال وأفعال وأنواع كثيرة غيرها كمسلسل التشبيك باليد والعدّ فيها، وكاتفاق أسماء الرواة أو صفاتهم أو نسبتهم كأحاديث رويناها كل رجالها دمشقيون وكمسلسل الفقهاء، وصفا كالمسلسل بسمعت أو بأخبرنا.
النوع الثالث والثلاثون: ناسخ الحديث ومنسوخه، النسخ رفع الشارع حكما منه متقدما بحكم منه متأخر، فمنه ما عرف بتصريح رسول الله ﷺ بـ (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها) ومنه ما عرف بقول الصاحبي كـ (كان آخر الأمرين من سول الله ﷺ ترك الوضوء مما مست النار). ومنه ما عرف بالتاريخ، ومنه ما عرف بدلالة الإجماع كحديث قتل شارب الخمر في الرابعة، والإِجماع لا ينسخ ولا ينسخ، لكن يدل على ناسخ، والله أعلم.
1 / 11