واعلم يا أخي أن الله تعالى فضل مكة المشرفة على جميع البلاد ، وأنزل ذكرها في كتابه العزيز ، وفي مواضع عديدة ، فقال ، وهو أصدق القائلين : [ إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين ، فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ] (¬1) ، وقال تعالى : [وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر] (¬2) وقال الله تعالى [ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ] (¬3) وقال تعالى : [وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود] (¬4) ، وقال تعالى : [وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ] (¬5) وقال تعالى : [وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم] (¬6) وقال تعالى [إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها] (¬7) وقال تعالى [ بلدة طيبة ورب غفور] (¬8) وقال تعالى [ إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم ] (¬9) وقال تعالى [فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم ] (¬10) وقال تعالى [أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا] (¬1) .
فهذه الآيات يا أخي أنزلها الله تعالى في حق مكة المشرفة خاصة (¬2) ما ليس لبلد سواها ، ثم أقرب لك يا أخي بعد هذا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأخبار في فضائلها ، وفضائل أهلها ، ومن جاورها .
فاعلم يا أخي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين خرج من مكة ، فوقف على الحزورة فاستقبل الكعبة ، وقال : والله إني أعلم أنك أحب بلد الله ، وأنك أحب أرض الله إلى الله تعالى ، وأنك خير بقعة على وجه الآرض ، وأحبها إلى الله تعالى ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دحيت الأرض من مكة فمد الله الأرض من تحتها فسميت أم القرى ، وأول جبل وضع على / وجه الأرض أبو قبيس ، وأول من طاف بالبيت الملائكة قبل أن يخلق آدم بألفي عام ، وما من ملك يبعثه الله تعالى من السموات السبع إلى الأرض في حاجة إلا اغتسل من تحت العرش ..... (¬3) محرما فيبدأ ببيت الله تعالى ، فيطوف به سبعا ، ثم يصلي خلف المقام ركعتين ، ثم يمضي إلى حاجته ، وكل نبي من الأنبياء إذا كذبه قومه خرج من بين أظهرهم إلى مكة ، وما من نبي هرب من أمته إلا هرب لمكة ، فعبد الله تعالى عند الكعبة حتى أتاه الموت ، وهو اليقين .
صفحه ۳