تربیت در اسلام: آموزش از دیدگاه قابسی

احمد فواد اهوانی d. 1390 AH
145

تربیت در اسلام: آموزش از دیدگاه قابسی

التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي

ژانرها

وكانت التربية القديمة تضحي بمرحلة الطفولة في سبيل الإعداد للرجولة. وكانوا يرغمون الطفل على سلوك مسلك الرجال وتعلم أعمالهم، وإلا وقع عليه العقاب.

ومن الخطأ الاعتقاد أن سعادة الرجولة تشترى على حساب الطفولة.

حقا إن الحياة الاجتماعية فيها كثير من القسوة وتحتاج إلى كثير من الجد، ولهذا ينبغي أن يهيأ الطفل لحياة الجد حتى لا يصدم بما فيها من صعاب وعقبات في المستقبل. ولكن الجد لا يستلزم العبوس الدائم، والشدة المستمرة. وقد نهى القابسي عن العبوس في غير حاجة إليه. كما أن اللهو لا يعني المرح المتلاحق، أو اللعب الذي لا انقطاع فيه.

على أن حياة الطفولة ينبغي أن تنصرف إلى اللعب أكثر منها إلى الجد، وأن يكون قسط المرح والسرور فيها كبيرا. ذلك أن شقاء الطفولة يترك في النفس آثارا لا تمحى وذكريات أليمة تلقي على الرجل ظلا كثيفا من الكآبة والتشاؤم من الحياة.

لهذا كان من الخطأ أن نحمل الطفل في وقت مبكر متاعب الحياة وآلام العيش. إننا نخاطر بإضعاف القوى الكامنة في الفرد، بتحميلها فوق ما تطيق، فتنوء في المستقبل بأعباء الحياة الجسام. وقد أوضح روسو في كتابه (إميل) أن واجب المربين إسعاد الطفل على قدرة الاستطاعة حتى يحس الإحساس الصادق بالحياة، ويتذوق لذة الوجود.

من هذه الناحية نستطيع أن نلوم القابسي، مع التربية القديمة كلها؛ لأنه كان يأخذ الصبيان بحياة الجد، وينهى عن اللهو واللعب.

ثم إن نمو شخصية الطفل لا يتطلب المحافظة على مواهبه من الضمور والانحلال فقط، وإنما يتطلب شق الطريق أمام هذه المواهب لتتفتح وتقوى. ولا ينبغي الوقوف في سبيل الطفل، بل لا بد له من حرية العمل ليكون المجال أمامه فسيحا للظهور.

وقد رأينا كيف ترك القابسي الحرية للصبيان لأن يقوموا بكثير من الأعمال التي تصلح لتخريجهم، وبذلك تنمو فيهم المواهب الملائمة لمطالب المجتمع.

ولكن القابسي كان مقيدا بعصره، ولم يعمل على سبق الزمان وتهيئة الأجيال القادمة للتقدم والرقي، فاكتفى بإعداد الصبيان لحياة الحاضر، بل لحياة شبيهة بالماضي، فهو يدعو إلى معرفة ثقافة السلف، ويطلب التمسك بها، والنسج على منوالها، وعدم التحول عنها.

لهذا عجزت شخصية المتعلمين عن مسايرة التقدم في الحياة، إلى أن تغيرت البيئة الاجتماعية في العصور الأخيرة، لأن تكوين الشخصية على الطريقة التي يريدها القابسي مقيد بالمجتمع الذي كان يعيش فيه. وكان همه الأكبر أن يصنع شخصية دينية وخلقية.

صفحه نامشخص