Tarajim al-Muʾallifin al-Tunisiʾin
تراجم المؤلفين التونسيين
ناشر
دار الغرب الإسلامي
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
١٩٩٤ م
محل انتشار
بيروت - لبنان
ژانرها
القاضي أبو الحسن بن واجب يستخلفه على الصلاة بمسجد السيدة داخل بلنسية، قرأت عليه القرآن بقراءة نافع مرارا، وسمعت منه أخبارا وأشعارا، واستظهرت عليه مرارا أيام أخذي على الشيوخ يمتحن بذلك حفظي وناولني جميع كتبه، وشاركته في أكثر من روى عنه ...».
ويتضح من هذا إن ابن الأبّار نشأ في وسط علمي، ووجّهه والده لطلب العلم. ومن أشهر أعلام بلنسية بل أعلام الأندلس الذين أخذ عنهم وتخرّج بهم في علوم الحديث التي منها معرفة أسماء الرجال وأنسابهم وتواريخهم، وتخرّج به في الكتابة أيضا الحافظ المحدّث الحافل الأديب صاحب الرواية الواسعة والتصانيف أبو الربيع سليمان بن موسى بن سالم الحميري الكلاعي، لازمه عشرين سنة. ولم يكتف ابن الأبّار بالأخذ عن أعلام بلنسية بل جال في بلدان الأندلس للأخذ عن رجالها والرواية عنهم. وفي شيوخه كثرة ذكرهم ابن عبد الملك المراكشي في «الذيل والتكملة».وتوفي والده في ربيع الأول سنة ٦١٩/ ٢١ مارس ١٢٢٢ ولم يحضر جنازته لأنه كان غائبا عن مسقط رأسه في ثغر بطليوس، فقد جاء في أواخر ترجمته لوالده «وتوفي ببلنسية - وأنا حينئذ بثغر بطليوس - عند الظهر يوم الثلاثاء الخامس شهر ربيع الأول سنة ٦١٩ ودفن لصلاة العصر من يوم الأربعاء بعده بمقبرة باب بيطالة وهو ابن ثمان وأربعين سنة، وحضر غسله أبو الحسن بن واجب وجماعته وكانت جنازته مشهودة، وأثنوا عليه جميلا نفعه الله بذلك».
وابن الأبّار حريص على الرواية عمن تقدمت سنهم وعلا إسنادهم حتى بعد استكمال تحصيله وتجاوز طور الشباب، اتباعا لتقليد شاع في أوساط المحدثين، فقد لقي بتونس المقرئ الراوية أبا زكريا يحيى بن محمد بن عبد الرحمن البرقي المهدوي مصروفا عن قضاء المهدية (ت. سنة ٦٤٧/ ١٢٥١). وقد اجتمع البرقي في تونس بالحافظ أبي الخطاب عمر بن حسن الكلبي المعروف بابن دحية، وروى عنه، وروى عنه عبد المنعم بن عبد الرحيم الخزرجي المعروف بابن الفرس (١). ويبدو أن ابن الأبّار كان عارفا بمكانته قبل لقائه.
وبعد استكمال تحصيله وإشباع نهمه من لقاء الشيوخ بالقطر الأندلسي رجع إلى مسقط رأسه بلنسية فتولى الكتابة لواليها أبي عبد الله بن أبي حفص عمر بن عبد المؤمن المعروف بالبياسي وقد نشأ هو وأخوه أبو زيد عبد الرحمن في بياسة، فعرفوا من أجل ذلك بالبياسيين.
ولما خرج من بلنسية والتجأ إلى حلفائه القشتاليين خلفه على إمارة بلنسية أخوه أبو زيد عبد الرحمن، واستمر ابن الأبّار على خطته في الكتابة حتى إذا ضيق على هذا الأمير أبو جميل زيان بن أبى الحملات مدافع بن يوسف بن سعد بن مردنيش في بلنسية التجأ إلى حليفه جايم أو خايمة الأول ملك أراغون وصحبه كاتبه ابن الأبّار ثم رجع ابن الأبّار إلى بلنسية عند ما رآه يفضل الإقامة في بلاد ملك أراغون وعمل كاتبا لأبي جميل زيان بن مردنيش الوالي الجديد على بلنسية. وكان القطر الأندلسي في هذا العصر مختل الأوضاع تعصف به الحروب
_________
(١) المعجم في أصحاب القاضي أبي علي الصدفي ص ٢١١ عرضا في ترجمة عبد الله بن محمد بن أيوب الفهري.
1 / 13