المرتجل إذا الظاهر أن وضعه لا يكون إلا على سبيل التخصيص، لأن الوضع التخصصي - كما عرفت - حاصل بالاستعمالات المجازية المبنية على ملاحظة المناسبة، وهي متعذرة في المرتجل لأن المعروف من تعريفه أخذ قيد اعتبار عدم المناسبة، أو عدم اعتبارها فيه، وعلى التقديرين يجب أن لا تلاحظ فيه المناسبة مطلقا، حتى ملاحظة علاقة التضاد، فلا يجدي ما يتوهم من جعل عدم المناسبة علاقة للتجوز، فيجب أن يكون وضعه تخصيصا، فاختصاص الوضع بواحد في المرتجل يدل على نفي الوضع بالنسبة إلى المعنى الثاني، لأن الواحد الذي يختص به الوضع، لو كان هو المعنى المرتجل إليه يلزم نفي الوضع من المعنى الأول، وهو خلف، فحينئذ يتجه الوجه الثاني من الإيراد.
هذا، ثم إن جعل المرتجل من أقسام المشترك مبني على عدم اعتبار هجر المعنى الأول في المرتجل لوضوح عدم مساعدة الاصطلاح على صدق المشترك على ما هجر أحد معنييه، وإلا لدخل المنقول أيضا، وهو خلاف ظاهر الأكثر، وإن أدرجه التفتازاني في تعريف الحاجبي للمشترك، وحينئذ فلا يبقى فرق بين المشتركات، حتى يسمى بعضها بالمرتجل دون بعض.
نعم لو قيل باعتبار عدم المناسبة بين المعنيين - في المرتجل صح تقسيم المشترك إلى مرتجل وغيره، وأما إذا قيل بكفاية عدم اعتبار المناسبة فلا.
وكيف كان فإدخاله في المشترك بعيد عن كلمات القوم.
أما أولا: فلأن المرتجل في كثير من الكلمات قسيم للمشترك.
وأما ثانيا: فلأنهم يفرقون بين المنقول والمرتجل باعتبار المناسبة في الأول، دون الثاني، كما اعترف به المحقق القمي - رحمه الله - حيث جعل أخذ عدم المناسبة في تعريف المرتجل تعسفا.
وقد يقال في الفرق بين المرتجل وسائر أقسام المشترك التي هي المشترك بالمعنى الأخص: إن المرتجل ما كان أحد وضعيه من الواضع، والآخر من العرف، مع بقاء المعنى اللغوي، بأن كان اللفظ في اللغة موضوعا لمعنى، ثم طرأ له في العرف وضع آخر لمعنى آخر ابتداء ، من دون ملاحظة مناسبة للمعنى اللغوي، فالمشترك على قسمين:
أحدهما: ما كان جميع أوضاعه من الواضع.
والثاني: ما كان أحد الأوضاع من أهل العرف. فالأول هو المشترك بالمعنى الأخص، والثاني هو المرتجل وهذا ظاهر التفتازاني وهو حسن.
صفحه ۶