انى ارى انه من افضل الامور ان يستعمل الطبيب سابق النظر. وذلك انه اذا سبق فعلم وتقدم فانذر المرضى بالشىء الحاضر مما بهم وما مضى وما يستأنف وعبر عن المريض كلما قصر عن صفته كان حريا بان يوثق منه بانه قادر على ان يعلم امور المرضى حتى يدعو ذلك المرضى الى الثقة به والاستسلام فى يدى الطبيب. وكان علاجه لهم على افضل الوجوه اذ كان يتقدم فيعلم من العلل الحاضرة ما تؤول اليه. وذلك انه ليس يمكن الطبيب ان يبرى جميع المرضى. ولو امكنه ذلك لكان افضل من ان يتقدم فيعلم ما سيكون من امورهم٭ ولما كان بعض المرضى قد يموت قبل ان يدعى له الطبيب من صعوبة امراضهم وبعضهم لا يلبث حتى يدعوه ان يموت فلا يبقى الا يوما واحدا او اكثر من ذلك قليلا قبل ان يستعد الطبيب بصناعته فيقاوم بها كل واحد من الامراض فقد ينبغى ان تعرف طبائع تلك الامراض التى هى مجاوزة لقوة الابدان وان كان ايضا مع ذلك فى الامراض شىء سماوى فقد ينبغى ان يكون الطبيب سابق النظر فيه خبيرا. [وقد ينبغى ان تتقدم فتنذر بموت من يموت منهم وسلامة من يسلم وتنذر بطول مرض من يطول مرضه اياما اكثر وبقصر مرض من يلبث مرضه اياما اقل وتنظر ان كان ذلك الانسان بحال هى اردى]٭ فانه اذا سلك هذا المسلك عجب الناس منه وحق لهم ان يعجبوا فكان طبيبا فاضلا. وذلك انه يقدر فيمن يمكن ان يسلم ان يكون احرى ان يحفظه على ما ينبغى اذ كان يسبق قبل مدة طويلة فيروى فيما يقابل به كل واحد من الامور٭ واذا تقدم وعرف وسبق وانذر بموت من يموت وسلامة من يسلم لم يلمه لائم٭
[chapter 2]
صفحه ۲۰۵