163

تنزیه الشریعه

تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة

پژوهشگر

عبد الوهاب عبد اللطيف وعبد الله محمد الصديق الغماري

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

۱۳۹۹ ه.ق

محل انتشار

بيروت

وَأَفَقْتُ فَثَابَ إِلَيَّ عَقْلِي وَاطْمَأْنَنْتُ بِمَعْرِفَةِ مَكَانِي وَمَا أَنَا فِيهِ مِنَ الْكَرَامَةِ الْفَائِقَةِ وَالإِيثَارِ الْبَيِّنِ فَكَلَّمَنِي رَبِّي سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلأُ الأَعْلَى قُلْتُ يَا رَبِّ أَنْتَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ وَبِكُلِّ شئ وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ، فَقَالَ: اخْتَصَمُوا فِي الدَّرَجَاتِ وَالْحَسَنَاتِ هَلْ تَدْرِي يَا مُحَمَّدُ مَا الدَّرَجَاتُ وَالْحَسَنَاتُ قلت يارب أَنْتَ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ، فَقَالَ الدَّرَجَاتُ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي الْمَكْرُوهَاتِ وَالْمَشْيُ عَلَى الأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ، وَالْحَسَنَاتُ إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَإِفْشَاءُ السَّلامِ وَالتَّهَجُّدُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ فَمَا سَمِعْتُ شَيْئًا قَطُّ أَلَذُّ وَلا أَحْلَى مِنْ نَغَمَةِ كَلامِهِ فَاسْتَأْنَسْتُ إِلَيْهِ مِنْ لَذَاذَةِ نَغَمَتِهِ حَتَّى كَلَّمْتُهُ بِحَاجَتِي فَقُلْتُ يَا رَبِّ إِنَّكَ اتَّخَذْتَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا وَكَلَّمْتَ مُوسَى تَكْلِيمًا وَرَفَعْتَ إِدْرِيسَ مَكَانًا عَلِيًّا وَآتَيْتَ سُلَيْمَانَ مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ وَأَتَيْتَ دَاوُدَ زَبُورًا فمالى يَا رَبِّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ اتَّخَذْتُكَ خَلِيلا كَمَا اتَّخَذْتُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا وَكَلَّمْتُكَ كَمَا كَلَّمْتُ مُوسَى تَكْلِيمًا وَأَعْطَيْتُكَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَخَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَكَانَتْ مِنْ كُنُوزِ عَرْشِي وَلَمْ أُعْطِهَا نَبِيًّا قَبْلَكَ، وَأَرْسَلْتُكَ إِلَى أَبْيَضِ أَهْلِ الأَرْضِ وَأَسْوَدِهِمْ وَأَحْمَرِهِمْ وَجِنِّهِمْ وَإِنْسِهِمْ، وَلَمْ أُرْسِلْ إِلَى جَمَاعَتِهِمِ نَبِيًّا قَبْلَكَ، وَجَعَلْتُ الأَرْضَ بَرَّهَا وَبَحْرَهَا لَكَ وَلأُمَّتِكَ طَهُورًا وَمَسْجِدًا وَأَطْعَمْتُ أُمَّتَكَ الفئ وَلَمْ أُطْعِمْهُ أُمَّةً قَبْلَهَا وَنَصَرْتُكَ بِالرُّعْبِ حَتَّى إِنَّ عَدُوَّكَ لَيَفْرَقُ مِنْكَ وَبَيْنَكَ وَبَيْنَهُ مَسِيرَةُ شَهْرٍ، وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ سَيِّدَ الْكُتُبِ كُلِّهَا وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهَا قُرْآنًا فَرَقْنَاهُ وَرَفَعْتُ لَكَ ذِكْرَكَ حَتَّى قَرَنْتُهُ بِذِكْرِي، فَلَا أذكر بشئ مِنْ شَرَائِعِ دِينِي إِلا ذُكِرْتَ مَعِي ثُمَّ أَفْضَى إِلَيَّ مِنْ بَعْدِ هَذَا بِأُمُورٍ لَمْ يَأْذَنْ لِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ بِهَا، فَلَمَّا عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدَهُ وَتَرَكَنِي مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ سُبْحَانَهُ بِجَلالِهِ وَوَقَارِهِ وَعِزِّهِ نَظَرْتُ فَإِذَا قَدْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَإِذَا دُونَهُ حِجَابٌ مِنْ نُورٍ يَلْتَهِبُ الْتِهَابًا لَا يَعْلَمُ مسافته إِلَّا الله لوهتك فِي مَوْضِعٍ لأَحْرَقَ خَلْقَ اللَّهِ كُلَّهُمْ، وَدَلانِي الرَّفْرَفُ الأَخْضَرُ الَّذِي أَنَا عَلَيْهِ فَجَعَلَ يَخْفِضُنِي وَيَرْفَعُنِي فِي عِلِّيِّينَ فَجَعَلْتُ أَرْتَفِعُ مَرَّةً كَأَنَّهُ يطاربى وَيَخْفِضُنِي مَرَّةً كَأَنَّهُ يُخْفَضُ بِي إِلَى مَا هُوَ أَسْفَلُ مِنِّي فَظَنَنْتُ أَنِّي أَهْوِي فِي جَوِّ عِلِّيِّينَ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ الرَّفْرَفُ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِي خَفْضًا وَرَفْعًا حَتَّى أُهْوِيَ بِي إِلَى جِبْرِيلَ فَتَنَاوَلَنِي مِنْهُ وَارْتَفَعَ الرَّفْرَفُ حَتَّى تَوَارَى عَنْ بَصَرِي فَإِذَا إِلَهِي قَدْ ثَبَّتَ بَصَرِي فِي قَلْبِي وَإِذَا أَنَا أُبْصِرُ بِقَلْبِي مَا خَلْفِي كَمَا أُبْصِرُ بِعَيْنِي مَا أَمَامِي فَلَمَّا أَكْرَمَنِي رَبِّي بِرُؤْيَتِهِ احْتَدَّ بَصَرِي، فَنَظَرْتُ إِلَى جِبْرِيلَ فَلَمَّا رَأَى مَا بِي قَالَ لَا تَخَفْ يَا مُحَمَّدُ وَتَثَبَّتْ بِقُوَّةِ اللَّهِ، أَيَّدَكَ اللَّهُ بِالثَّبَاتِ لِرُؤْيَةِ نُورِ الْعَرْشِ وَنُورِ الْحُجُبِ وَنُورِ الْبِحَارِ وَالْجِبَالِ الَّتِي فِي عِلِّيِّينَ وَنُورِ الْكُرُوبِيِّينَ وَمَا تَحْتَ

1 / 165