تنزيه القرآن عن المطاعن

Qadi Abd al-Jabbar d. 415 AH
232

تنزيه القرآن عن المطاعن

تنزيه القرآن عن المطاعن

ژانرها

وربما قيل ما معنى قوله جل وعز (خلق الإنسان من عجل) ومعلوم أنه ليس بمخلوق من ذلك بل لا يصح ذلك فيه. وجوابنا أن ذلك من الكلام الفصيح في الانكار والتبكيت فمن يكثر غضبه يقال له كأنك خلقت من الغضب ومن يكثر نسيانه يقال فيه ذلك فنبه تعالى على أن الواجب على المرء التوقف والتثبت وتأمل ما يلزمه من الادلة وغيرها فلذلك قال بعده (سأريكم آياتي فلا تستعجلون) وقال تعالى (ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) يستعجلون لأنفسهم العذاب جهلا منهم كما قال تعالى (يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق) ولذلك قال تعالى بعده (لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون) ثم أنه تعالى عزى رسوله صلى الله عليه وسلم في اختلافهم عليه وفي عنادهم فقال (ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزؤن) فبين أن الواجب فيما يفعل أن ينظر في عواقبه فإذا كانت العاقبة مكروهة لم يحسن أن يغتبط بها فخلافهم عليك يا محمد إذا كان يعقب مثل ذلك فهو وبال ودمار ثم بين تعالى أنه على اختلال أحوالهم حافظ لهم ودافع للمكاره عنهم فقال (قل من يكلؤكم بالليل والنهار) يبعثهم بذلك على طاعته لإدامة النعم عليهم ونبههم بذلك أن لا إله سواه يدفع عنهم المكاره فلذلك قال (بل هم عن ذكر ربهم معرضون أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم) فهجن بذلك صنيع عباد الاوثان وبين تعالى أنه مع ذلك متعهم بالبقاء لكي يؤمنوا وأطال عمرهم فقال (بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر).

[مسألة]

وربما قيل في قوله تعالى (أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) كيف يصح تعلق ذلك بقوله (بل متعنا هؤلاء)؟ وجوابنا أنه بين قدرته على إفناء كثير من الخلق وخصهم بأن متعهم فقد روي عن بعض المفسرين أن المرات موت العلماء وروي عن بعضهم أن المراد به إنزال أسباب الهلاك على قوم منهم وذكر تعالى الارض وأراد هلاك أهلها.

[مسألة]

صفحه ۲۶۳