تنزيه القرآن عن المطاعن
تنزيه القرآن عن المطاعن
ژانرها
وربما قيل في قوله تعالى (وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم) ما الفائدة في هذا الجواب. وجوابنا أنه لا يقول ذلك على وجه الحجاج لكنه إذا أقام الحجة واستمروا على التكذيب صح أن يزجرهم بهذا القول، وقد كان صلى الله عليه وسلم يغتم بمثل ذلك فكان تسلية من الله تعالى له وما بعده من قوله (أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون) وقوله (أفأنت تهدي العمي) كل ذلك يدل أن المراد طريقة الزجر لهم ثم ذكر تعالى بعده بقوله (إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون) ان الظلم من قبلهم ولم تنزيه القرآن (12) يؤتوا فيه إلا من جهة تقصيرهم وأنهم ممكنون من تركه والعدول عنه كما نقول في هذا الباب.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم) كيف يجوز من موسى أن يسأل ربه ذلك وأن يعتقد انه تعالى رزقهم لكي يضلوا.
وجوابنا أن المراد أنعمت عليهم بهذه النعم فسيروها سببا لضلالتهم فمعنى قوله (ليضلوا عن سبيلك) أن عاقبتهم ذلك كقوله (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا) وأما قوله تعالى (ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم) فهو دعاء عليهم وقد ضلوا ويجوز أن يدعى على من قد ضل وكفر بضروب العقاب ويجوز أنه يدعو عليهم بالاخترام والاماتة الذين معهما لا يؤمنون حتى يروا العذاب الاليم في الآخرة لأنه من المعلوم أنه لا يؤمن أبدا كلما عجل اخترامه يكون عقابه أخف وبين تعالى بقوله (حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل) ثم قال (آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين) أن الايمان مع الالجاء لا ينفع وانما ينفع والمرء متمكن من اختيار الطاعة والمعصية وداعيته مترددة بين الامرين.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (فما اختلفوا حتى جاءهم العلم) كيف يصح في العلم ان يكون سببا للاختلاف والقول الباطل.
صفحه ۱۷۸