تنزيه القرآن عن المطاعن
تنزيه القرآن عن المطاعن
ژانرها
وربما قيل في قوله تعالى (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر) ثم قال في آخره (ذلك جزيناهم ببغيهم) كيف يصح ان يجازيهم على بغيهم بتحريم ما يحرمه ولهم في اجتناب ذلك المحرم ثواب فيصير من هذا الوجه نعمة فكيف يصح أن يكون عقوبة. وجوابنا ان المراد جزيناهم على بغيهم بتحريم ذلك عليهم من حيث نعلم ان جزاء البغي لا يكون ما يؤدي الى النفع والى الثواب وذكر بعده ما بين به من وجوه أنه تعالى لا يريد الشرك والكفر فقال (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء) وهذا مقالة المجبرة فقال تعالى (كذلك كذب الذين من قبلهم) والمراد كذب الرسل الذين دعوهم الى خلافه وهو قولنا انه تعالى لا يشاء الشرك ولا سائر القبائح ثم قال (حتى ذاقوا بأسنا) وهو العذاب. والعذاب لا يذاق الا على القول القبيح ثم قال (هل عندكم من علم فتخرجوه لنا) ولا يقال ذلك الا للمبطل ثم قال (إن تتبعون إلا الظن) ولا يقال ذلك للمحق ثم قال (وإن أنتم إلا تخرصون) والمراد تقدرون ما يكون كذبا أو في حكم الكذب كما قال تعالى (قتل الخراصون) ثم قال بعده (قل فلله الحجة البالغة) عاطفا على ما تقدم ثم قال (ولو شاء لهداكم أجمعين) بين به انه انما أراد خلاف الشرك منهم اختيارا ليفوزوا بثوابه ولو شاء ان يهديهم لهداهم اجمع. ثم انه تعالى عهد الى عباده بعهد جامع ووصاهم به فقال (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا) ومن تأمل هذه الآيات وعمل بها اغنته عن كل دليل ثم قال في آخره (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) فبين ان كل ما تقدم ذكره من وصاياه جل وعز لعباده والوصايا في الشاهد يجب القيام بحقها فوصية الله تعالى أولى بذلك خصوصا وانما وصاهم بذلك لحظهم ولما يعود عليهم من النفع.
[مسألة]
صفحه ۱۳۹