تنزيه القرآن عن المطاعن
تنزيه القرآن عن المطاعن
ژانرها
وربما قيل في قوله تعالى (وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها) وان ذلك يدل على أن مكرهم بكفرهم من قبله تعالى. وجوابنا ان المراد بينا ذلك من حالهم كما يقال في الحاكم انه جعل الشاهد مزورا اذا بين ذلك من حاله ويقال ان المعتزلة جعلت المشبهة كفارا لما بينوا ذلك من حالهم كما يقال ان الحنفي جعل الوتر واجبا لما ذهب هذا المذهب فأما قوله تعالى (ليمكروا فيها) فالمراد أنه جعلهم في كل قرية وأمرهم بالطاعة وعاقبتهم هذا المكر وهذا كقوله تعالى (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا) وانما التقطوه لغير ذلك لكن لما كان مآل أمرهم الى العداوة كما يقال خلقت الدنيا للفناء لما كان ذلك عاقبتها ولذلك قال تعالى (وما يمكرون إلا بأنفسهم) فذمهم على ذلك.
[مسألة]
وربما سألوا عن قوله تعالى (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا) كيف يصح ذلك عندكم وأنتم تقولون أراد من الكل الهدى وكيف يصح ذلك ونحن نعلم ان الكافر لا يكون ضيق الصدر بكفره بل ربما يكون أشرح بما هو عليه من المؤمن. وجوابنا ان المراد فمن يرد الله أن يهديه بزيادات الهدى كقوله تعالى (والذين اهتدوا زادهم هدى) لشرح صدره للاسلام لان زيادات الهدى أحد ما يقوي صدر المؤمن على ايمانه وقوله (ومن يرد أن يضله) أي عن هذه الزيادات من حيث يعلم انه لا ينتفع يجعل صدره ضيقا حرجا فتضطرب عليه اعتقاداته الفاسدة اذا فكر فيها. وهذا يدل على قولنا في العدل إنه تعالى يفعل بالمؤمن ما يكون أقرب إلى ثباته على الايمان من شرح الصدر بزيادات الادلة ويفعل بالكافر ما يكون أقرب الى ان يقلع عن الكفر من ضيق الصدر والا فقد هدى الجميع بالأدلة وأزاح لهم العلة حتى لم يؤتوا الا من قبل انفسهم وكل كافر اذا فتشت عنه متى نوظر وكلم يضيق صدره بما هو عليه من الكفر عند ايراد الادلة عليه لكنه يكابر ظاهرا ويوهم انه على بصيرة ولذلك قال تعالى من بعد (كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون).
[مسألة]
صفحه ۱۳۷