تنزيه الأنبياء
تنزيه الأنبياء
هذا التكليف ويجري هذا الباب مجرى خلق إبليس مع علمه تعالى بضلال من ضل عند خلقه ممن لو لم يخلقه لم يكن ضالا ومجرى زيادة الشهوة فيمن يعلم منه تعالى عند هذه الزيادة أنه يفعل قبيحا لولاها لم يفعله ووجه آخر في الجواب عن أصل المسألة وهو أنه يجوز أن يكون يعقوب (ع) مفضلا ليوسف (ع) في العطاء والتقريب والترحيب والبر الذي يصل إليه من جهته وليس ذلك بقبيح لأنه لا يمتنع أن يكون يعقوب (ع) لم يعلم أن ذلك يؤدي إلى ما أدى إليه ويجوز أن يكون رأى من سيرة إخوته وسدادهم وجميل ظاهرهم ما غلب في ظنه أنهم لا يحسدونه وإن فضله عليهم فإن الحسد وإن كان كثيرا ما يكون في الطباع فإن كثيرا من الناس يتنزهون عنه ويجتنبونه ويظهر من أحوالهم أمارات يظن معها بهم ما ذكرناه وليس التفضيل لبعض الأولاد على بعض في العطاء محاباة لأن المحاباة هي المفاعلة من الحباء ومعناها أن تحبو غيرك ليحبوك وهذا خارج عن معنى التفضيل بالبر الذي لا يقصد به ما ذكرناه فأما قولهم إن أبانا لفي ضلال مبين فلم يريدوا به الضلال عن الدين وإنما أرادوا به الذهاب عن التسوية بينهم في العطية لأنهم رأوا أن ذلك أصوب في تدبيرهم وأصل الضلال هو العدول وكل من عدل عن شيء وذهب عنه فقد ضل ويجوز أيضا أن يريدوا بذلك الضلال عن الدين لأنهم خبروا عن اعتقادهم وقد يجوز أن يعتقدوا في الصواب الخطاء فإن قيل كيف يجوز أن يقع من إخوة يوسف (ع) هذا الخطاء العظيم والفعل القبيح وقد كانوا أنبياء في الحال فإن قلتم لم يكونوا أنبياء في الحال قيل لكم فأي منفعة في ذلك لكم وأنتم تذهبون إلى أن الأنبياء (ع) لا يواقعون القبائح قبل النبوة ولا بعدها قلنا لم تقم الحجة بأن إخوة يوسف (ع) الذين فعلوا به ما فعلوا كانوا أنبياء في حال من الأحوال وإذا لم تقم بذلك حجة
صفحه ۴۳